" عالم في قصر ملك "
صفحة 1 من اصل 1
" عالم في قصر ملك "
بسم الله الرحمن الرحيم
عالم في قصر ملك "
دخل أبو حازم رحمه الله على هشام بن عبد الملك فنزع حذاءه ووضعها تحت إبطيه وقال : السلام
عليك ورحمة الله وبركاته يا هشام .
قال هشام بن عبد الملك : يا أبا حازم لقد أخطأت في ثلاث .
قال أبا حازم : وما هي ؟
قال هشام : خلعت حذائك عند دخولك ولم تُكننا ولم تُنادينا بأمير المؤمنين .
قال أبا حازم : عجبا لك يا أمير المؤمنين :
أ ــ أخلع حذائي بين يدي ربي خمس مرات ولا يغضب فلماذا تغضب ؟
ب ــ وأنا لم أكنك وناديتك باسمك فقد نادا الله أوليائه فقال سبحانه :" يا موسى أقبل ولا تخف "
" يا يحيى خذ الكتاب بقوة " " يا داوود إنا جعلناك خليفة " وكنى أعدائه وقال :" تبت يدا أبي لهب
وتب " ...
ت ــ ولم أسلم عليك بإمرة المؤمنين فليس كل المؤمنين قد وافقوا أنك أمير المؤمنين أفأكون كذابا
يوم القيامة ...
في قصص علمائنا ــ وفي تاريخنا المنسي ــ عبر وعظات ودروس ما أحوجنا الى الإستفادة منها
والعمل بها في زمن الغربة الثانية للإسلام وفي زمن البناء والتربية والدعوة والجهاد ...
أسئلة طرحتها على نفسي مرارا وتكرارا : ما موقف علمائنا من حكامنا ؟
هل عند لقائهم بهم يُسمعونهم صوت الحق لا يخافون في الله لومة لائم ؟
هل يجهرون بكلمة الحق في وجوههم ف " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " ؟
هل ينصحونهم و " الدين النصيحة " ؟
هل يقفون ضد جورهم وطغيانهم وجبروتهم ؟
أم تُراهم يركعون لهم ويُقبلون أيديهم ويسكتون عن مساوئهم ومخازيهم وظلمهم للعباد ولا حول
ولا قوة الا بالله :" أخوف ما أخاف عليكم كل منافق عليم اللسان "...
والأمة فيها خير وهي حُبلى بالخير وأهل الخير والحمد لله .
لا اله الا الله محمد رسول الله
والحمد لله رب العالمين
عالم في قصر ملك "
دخل أبو حازم رحمه الله على هشام بن عبد الملك فنزع حذاءه ووضعها تحت إبطيه وقال : السلام
عليك ورحمة الله وبركاته يا هشام .
قال هشام بن عبد الملك : يا أبا حازم لقد أخطأت في ثلاث .
قال أبا حازم : وما هي ؟
قال هشام : خلعت حذائك عند دخولك ولم تُكننا ولم تُنادينا بأمير المؤمنين .
قال أبا حازم : عجبا لك يا أمير المؤمنين :
أ ــ أخلع حذائي بين يدي ربي خمس مرات ولا يغضب فلماذا تغضب ؟
ب ــ وأنا لم أكنك وناديتك باسمك فقد نادا الله أوليائه فقال سبحانه :" يا موسى أقبل ولا تخف "
" يا يحيى خذ الكتاب بقوة " " يا داوود إنا جعلناك خليفة " وكنى أعدائه وقال :" تبت يدا أبي لهب
وتب " ...
ت ــ ولم أسلم عليك بإمرة المؤمنين فليس كل المؤمنين قد وافقوا أنك أمير المؤمنين أفأكون كذابا
يوم القيامة ...
في قصص علمائنا ــ وفي تاريخنا المنسي ــ عبر وعظات ودروس ما أحوجنا الى الإستفادة منها
والعمل بها في زمن الغربة الثانية للإسلام وفي زمن البناء والتربية والدعوة والجهاد ...
أسئلة طرحتها على نفسي مرارا وتكرارا : ما موقف علمائنا من حكامنا ؟
هل عند لقائهم بهم يُسمعونهم صوت الحق لا يخافون في الله لومة لائم ؟
هل يجهرون بكلمة الحق في وجوههم ف " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " ؟
هل ينصحونهم و " الدين النصيحة " ؟
هل يقفون ضد جورهم وطغيانهم وجبروتهم ؟
أم تُراهم يركعون لهم ويُقبلون أيديهم ويسكتون عن مساوئهم ومخازيهم وظلمهم للعباد ولا حول
ولا قوة الا بالله :" أخوف ما أخاف عليكم كل منافق عليم اللسان "...
والأمة فيها خير وهي حُبلى بالخير وأهل الخير والحمد لله .
لا اله الا الله محمد رسول الله
والحمد لله رب العالمين
الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ( رضي الله عنهم )
بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين
( رضي الله عنهم )
http://www.islamstory.com/images/stories/articles/5/86_image002.jpg
نسبه وقبيلته
هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، يكنى بأبي عبد الله. وأمه هي: فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وأمها هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ولهذا كان يقول: (( ولدني أبو بكر الصديق مرتين )) ,وكان مولده سنة ثمانين من الهجرة، سنة سيل الجحاف الذي ذهب بالحجاج من مكة.
عده البعض في أتباع التابعين، إلا أنه من الظاهر قد رأى سهل بن سعد وغيره من الصحابة، وروى عن أبيه، وعن عروة بن الزبير وعطاءٍ ونافع والزهري وابن المنكدر وله أيضاً عن عبيد بن أبي رافع.
وأخذ عنه أبو حنيفة وابن جريج وشعبة والسيانان ومالك ووهيب وحاتم بن إسماعيل ويحيى القطان وخلق غيرهم كثيرون. وروى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
(( أهم ملامح شخصيته ))
غزارة علمه وفقهه
جاء في سير الأعلام قال الخليل بن أحمد سمعت أبو سفيان الثوري يقول: قدمت مكة فإذا أنا بأبي عبد الله جعفر بن محمد قد أناخ بالأبطح فقلت: يا ابن رسول الله، لم جعل الموقف من وراء الحرم، ولم يصير في المشعر الحرام؟ فقال: الكعبة بيت الله، والحرم حجابة، والموقف بابه، فلما قصده الوافدون أوقفهم بالباب يتضرعون، فلما أذن لهم في الدخول أدناهم من الباب الثاني وهو المزدلفة، فلما نظر إلى كثرة تضرعهم وطول اجتهادهم رحمهم، فلما رحمهم أمرهم بتقريب قربانهم، فلما قربوا قربانهم وقضوا تفثهم وتطهروا من الذنوب التي كانت حجابًا بينه وبينهم أمرهم بزيارة بيته على طهارة. قال: فلم كره الصوم أيام التشريق؟ قال: لأنهم في ضيافة الله ولا يجب على الضيف أن يصوم عند من أضافه. قلت: جعلت فداك فما بال الناس يتعلقون بأستار الكعبة وهي خرق لا تنقع شيئًا؟ قال: ذاك مثل رجل بينه وبين رجل جرم فهو يتعلق به ويطوف حوله رجاء أن يهب له ذلك ذاك الجرم.
وسُئل الإمام أبو حنيفة عن أفقه من رأى فقال: ما رأيت أحدًا أفقه من جعفر بن محمد؛ وذلك لما أقدمه أبو جعفر المنصور الحيرة بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة، إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من مسائلك الصعاب، فهيأت له أربعين مسألة، ثم بعث إلي أبو جعفر فأتيته بالحيرة فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخل لأبي جعفر، فسلمت وأذن لي فجلست ثم التفت إلى جعفر فقال: يا أبا عبد الله، تعرف هذا؟ قال: نعم هذا أبو حنيفة ثم أتبعها قد أتانا ثم قال: يا أبا حنيفة هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله، وابتدأت أسأله وكان يقول في المسألة: أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول كذا وكذا، فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرم منها مسألة، ثم قال أبو حنيفة أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس.
بذله للنصيحة
يقول الإمام مالك بن أنس: قال له سفيان: لا أقوم حتى تحدثني، قال جعفر: أما إني أحدثك وما كثرة الحديث لك بخير يا سفيان، إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها؛ فإن الله قال في كتابه: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار؛ فإن الله قال في كتابه:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} يعني في الدنيا {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} في الآخرة. يا سفيان، إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة فعقد سفيان بيده وقال: ثلاث وأي ثلاث قال جعفر: عقلها والله أبو عبد الله ولينفعه الله بها.
الكرم
جاء في تهذيب سير الأعلام عن هياج بن بسطام قال: كان جعفر بن محمد يُطعم حتى لا يبقى لعياله شيء.
البلاغة و حسن المنطق والبيان والأدب مع الله
جاء في سير أعلام النبلاء عن الفضل بن الربيع عن أبيه قال: دعاني المنصور فقال: إن جعفرًا يلحد في سلطاني قتلني الله، إن لم أقتله فأتيته فقلت: أجب أمير المؤمنين فتطهر ولبس ثيابا فأقبلت به فاستأذنت له فقال: أدخله قتلني الله إن لم أقتله، فلما نظر إليه مقبلاً قام من مجلسه فتلقاه وقال: مرحبًا بالنقي الساحة البريء من الدغل والخيانة، أخي وابن عمي، فأقعده معه على سريره وأقبل عليه بوجهه وسأله حاله ثم قال: سلني حاجتك فقال: أهل مكة والمدينة قد تأخر عطائهم فتأمر لهم به قال: أفعل ثم قال: يا جارية، ائتني بالتحفة فأتته بمدهن زجاج فيه غالية فغلفه بيده وانصرف؛ فاتبعته فقلت: يا ابن رسول الله، أتيت بك ولا أشك أنه قاتلك فكان منه ما رأيت، وقد رأيتك تحرك شفتيك بشيء عند الدخول فما هو؟ قال: قلت: اللهم أحرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام واحفظني بقدرتك علي ّ ولا تهلكني وأنت رجائي رب كم من نعمة أنعمت بها عليّ قل لك عندي شكرها؟ وكم من بلية ابتليتني بها قل لها عندك صبري؟ فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني، ويا ذا النعم التي لا تحصى أبدًا، ويا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدًا، أعني على ديني بدنيا وعلى آخرتي بتقوى، واحفظني فيما غبت عنه ولا تكلني إلى نفسي فيما خطرت، يا من لا تضره الذنوب ولا تنقصه المغفرة اغفر لي مالا يضرك، وأعطني مالا ينقصك، يا وهاب أسألك فرجًا قريبًا وصبرًا جميلاً والعافية من جميع البلايا وشكر العافية.
الحب الشديد لأبي بكر وعمر وبغض من يبغضهما
جاء في تهذيب سير الأعلام "عن سالم بن أبي حفصة قال: سألت أبا جعفر وابنه جعفرًا عن أبي بكر وعمر فقال: يا سالم تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدى ثم قال جعفر: يا سالم أيسب الرجل جده؟ أبو بكر جدي لا نالتني شفاعة محمد يوم القيامة، لم أكن أتولهما وأبرأ من عدوهما".
كان جعفر إذا أخذت منه العفو لم يكن به بأس وإذا حملته حمل على نفسه
من كلماته
يقول جعفر بن محمد: إذا بلغك عن أخيك ما يسوؤك فلا تغتم فإنه إن كان كما يقول كانت عقوبة عجلت، وإن كان على غير ما يقول كانت حسنة لم تعملها.
وكان يقول: إياكم والخصومة في الدين فإنها تشغل القلب وتورث النفاق.
وكان يقول: الصلاة قربان كل تقي، والحج جهاد كل ضعيف، وزكاة البدن الصيام، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر، واستنزلوا الرزق بالصدقة، وحصنوا أمولاكم بالزكاة، وما عال من اقتصد، والتقدير نصف العيش وقلة العيال اليسارين، ومن أحزن والديه فقد عقهما، ومن ضرب بيده على فخذه عند مصيبة فقد حبط أجره، والصنيعة لا تكون صنيعة لا عند ذي حسب أو دين والله ينزل الصبر على قدر المصيبة، وينزل الرزق على قدر المؤنة، ومن قدر معيشته رزقه الله، ومن بذر معيشته حرمه الله.
ومن كلامه عن الأخوة والصداقة: لا تكون الصداقة إلا بحدودها فمن كان فيه شيء من هذه الخصال أو بعضها فانسبه إلى الصداقة ثم حدها فقال: أول حدودها أن تكون سريرته وعلانيته لك سواء.
والثانية أن يرى شينك شينه وزينك زينه.
و الثالثة لا يغيره مال ولا ولاية.
الرابعة لا يمنعك شيئًا تناله يده.
والخامسة وهي تجمع هذه الخصال وهي أن لا يسلمك عند النكبات.
قالوا عنه
قال عنه ابن معين: ثقة مأمون.
وقال أبو حاتم: ثقة لا يُسأل عن مثله.
وقال ابن حبان: من سادات أهل البيت وعباد أتباع التابعين وعلماء أهل المدينة.
الوفاة
مات سنة ثمان وأربعين ومائة وهو بن ثمان وستين سنة.
الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين
( رضي الله عنهم )
http://www.islamstory.com/images/stories/articles/5/86_image002.jpg
نسبه وقبيلته
هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، يكنى بأبي عبد الله. وأمه هي: فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وأمها هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ولهذا كان يقول: (( ولدني أبو بكر الصديق مرتين )) ,وكان مولده سنة ثمانين من الهجرة، سنة سيل الجحاف الذي ذهب بالحجاج من مكة.
عده البعض في أتباع التابعين، إلا أنه من الظاهر قد رأى سهل بن سعد وغيره من الصحابة، وروى عن أبيه، وعن عروة بن الزبير وعطاءٍ ونافع والزهري وابن المنكدر وله أيضاً عن عبيد بن أبي رافع.
وأخذ عنه أبو حنيفة وابن جريج وشعبة والسيانان ومالك ووهيب وحاتم بن إسماعيل ويحيى القطان وخلق غيرهم كثيرون. وروى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
(( أهم ملامح شخصيته ))
غزارة علمه وفقهه
جاء في سير الأعلام قال الخليل بن أحمد سمعت أبو سفيان الثوري يقول: قدمت مكة فإذا أنا بأبي عبد الله جعفر بن محمد قد أناخ بالأبطح فقلت: يا ابن رسول الله، لم جعل الموقف من وراء الحرم، ولم يصير في المشعر الحرام؟ فقال: الكعبة بيت الله، والحرم حجابة، والموقف بابه، فلما قصده الوافدون أوقفهم بالباب يتضرعون، فلما أذن لهم في الدخول أدناهم من الباب الثاني وهو المزدلفة، فلما نظر إلى كثرة تضرعهم وطول اجتهادهم رحمهم، فلما رحمهم أمرهم بتقريب قربانهم، فلما قربوا قربانهم وقضوا تفثهم وتطهروا من الذنوب التي كانت حجابًا بينه وبينهم أمرهم بزيارة بيته على طهارة. قال: فلم كره الصوم أيام التشريق؟ قال: لأنهم في ضيافة الله ولا يجب على الضيف أن يصوم عند من أضافه. قلت: جعلت فداك فما بال الناس يتعلقون بأستار الكعبة وهي خرق لا تنقع شيئًا؟ قال: ذاك مثل رجل بينه وبين رجل جرم فهو يتعلق به ويطوف حوله رجاء أن يهب له ذلك ذاك الجرم.
وسُئل الإمام أبو حنيفة عن أفقه من رأى فقال: ما رأيت أحدًا أفقه من جعفر بن محمد؛ وذلك لما أقدمه أبو جعفر المنصور الحيرة بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة، إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من مسائلك الصعاب، فهيأت له أربعين مسألة، ثم بعث إلي أبو جعفر فأتيته بالحيرة فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخل لأبي جعفر، فسلمت وأذن لي فجلست ثم التفت إلى جعفر فقال: يا أبا عبد الله، تعرف هذا؟ قال: نعم هذا أبو حنيفة ثم أتبعها قد أتانا ثم قال: يا أبا حنيفة هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله، وابتدأت أسأله وكان يقول في المسألة: أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول كذا وكذا، فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرم منها مسألة، ثم قال أبو حنيفة أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس.
بذله للنصيحة
يقول الإمام مالك بن أنس: قال له سفيان: لا أقوم حتى تحدثني، قال جعفر: أما إني أحدثك وما كثرة الحديث لك بخير يا سفيان، إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها؛ فإن الله قال في كتابه: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار؛ فإن الله قال في كتابه:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} يعني في الدنيا {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} في الآخرة. يا سفيان، إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة فعقد سفيان بيده وقال: ثلاث وأي ثلاث قال جعفر: عقلها والله أبو عبد الله ولينفعه الله بها.
الكرم
جاء في تهذيب سير الأعلام عن هياج بن بسطام قال: كان جعفر بن محمد يُطعم حتى لا يبقى لعياله شيء.
البلاغة و حسن المنطق والبيان والأدب مع الله
جاء في سير أعلام النبلاء عن الفضل بن الربيع عن أبيه قال: دعاني المنصور فقال: إن جعفرًا يلحد في سلطاني قتلني الله، إن لم أقتله فأتيته فقلت: أجب أمير المؤمنين فتطهر ولبس ثيابا فأقبلت به فاستأذنت له فقال: أدخله قتلني الله إن لم أقتله، فلما نظر إليه مقبلاً قام من مجلسه فتلقاه وقال: مرحبًا بالنقي الساحة البريء من الدغل والخيانة، أخي وابن عمي، فأقعده معه على سريره وأقبل عليه بوجهه وسأله حاله ثم قال: سلني حاجتك فقال: أهل مكة والمدينة قد تأخر عطائهم فتأمر لهم به قال: أفعل ثم قال: يا جارية، ائتني بالتحفة فأتته بمدهن زجاج فيه غالية فغلفه بيده وانصرف؛ فاتبعته فقلت: يا ابن رسول الله، أتيت بك ولا أشك أنه قاتلك فكان منه ما رأيت، وقد رأيتك تحرك شفتيك بشيء عند الدخول فما هو؟ قال: قلت: اللهم أحرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام واحفظني بقدرتك علي ّ ولا تهلكني وأنت رجائي رب كم من نعمة أنعمت بها عليّ قل لك عندي شكرها؟ وكم من بلية ابتليتني بها قل لها عندك صبري؟ فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني، ويا ذا النعم التي لا تحصى أبدًا، ويا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدًا، أعني على ديني بدنيا وعلى آخرتي بتقوى، واحفظني فيما غبت عنه ولا تكلني إلى نفسي فيما خطرت، يا من لا تضره الذنوب ولا تنقصه المغفرة اغفر لي مالا يضرك، وأعطني مالا ينقصك، يا وهاب أسألك فرجًا قريبًا وصبرًا جميلاً والعافية من جميع البلايا وشكر العافية.
الحب الشديد لأبي بكر وعمر وبغض من يبغضهما
جاء في تهذيب سير الأعلام "عن سالم بن أبي حفصة قال: سألت أبا جعفر وابنه جعفرًا عن أبي بكر وعمر فقال: يا سالم تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدى ثم قال جعفر: يا سالم أيسب الرجل جده؟ أبو بكر جدي لا نالتني شفاعة محمد يوم القيامة، لم أكن أتولهما وأبرأ من عدوهما".
كان جعفر إذا أخذت منه العفو لم يكن به بأس وإذا حملته حمل على نفسه
من كلماته
يقول جعفر بن محمد: إذا بلغك عن أخيك ما يسوؤك فلا تغتم فإنه إن كان كما يقول كانت عقوبة عجلت، وإن كان على غير ما يقول كانت حسنة لم تعملها.
وكان يقول: إياكم والخصومة في الدين فإنها تشغل القلب وتورث النفاق.
وكان يقول: الصلاة قربان كل تقي، والحج جهاد كل ضعيف، وزكاة البدن الصيام، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر، واستنزلوا الرزق بالصدقة، وحصنوا أمولاكم بالزكاة، وما عال من اقتصد، والتقدير نصف العيش وقلة العيال اليسارين، ومن أحزن والديه فقد عقهما، ومن ضرب بيده على فخذه عند مصيبة فقد حبط أجره، والصنيعة لا تكون صنيعة لا عند ذي حسب أو دين والله ينزل الصبر على قدر المصيبة، وينزل الرزق على قدر المؤنة، ومن قدر معيشته رزقه الله، ومن بذر معيشته حرمه الله.
ومن كلامه عن الأخوة والصداقة: لا تكون الصداقة إلا بحدودها فمن كان فيه شيء من هذه الخصال أو بعضها فانسبه إلى الصداقة ثم حدها فقال: أول حدودها أن تكون سريرته وعلانيته لك سواء.
والثانية أن يرى شينك شينه وزينك زينه.
و الثالثة لا يغيره مال ولا ولاية.
الرابعة لا يمنعك شيئًا تناله يده.
والخامسة وهي تجمع هذه الخصال وهي أن لا يسلمك عند النكبات.
قالوا عنه
قال عنه ابن معين: ثقة مأمون.
وقال أبو حاتم: ثقة لا يُسأل عن مثله.
وقال ابن حبان: من سادات أهل البيت وعباد أتباع التابعين وعلماء أهل المدينة.
الوفاة
مات سنة ثمان وأربعين ومائة وهو بن ثمان وستين سنة.
أين هم الحكام العرب من الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود..رحمه الله ؟!
قصر الاليزيه في باريس وقبيل نشوب حرب 1967 بأيام قليلة، جرى حوار بين الجنرال ديغول وفيصل بن عبد العزيز كالتالي:-
الجنرال ديغول: « يتحدث الناس أنكم يا جلالة الملك تريدون أن تقذفوا بإسرائيل إلى البحر، وإسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعاً، ولا يقبل أحد في العالم رفع هذا الأمر الواقع، »
فيصل بن عبد العزيز « يا فخامة الرئيس أنا أستغرب كلامك هذا، إن هتلر احتل باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً، وكل فرنسا استسلمت إلا أنت انسحبت مع الجيش الانجليزي، وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه، فلا أنت رضخت للأمر الواقع، ولا شعبك رضخ، فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع، والويل يا فخامة الرئيس للضعيف إذا احتله القوي وراح يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديجول أن الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح مشروعا. »
الجنرال ديغول« يا جلالة الملك يقول اليهود إن فلسطين وطنهم الأصلي وجدهم الأعلى إسرائيل ولد هناك، »
فيصل بن عبد العزيز« فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متدين مؤمن بدينك، وأنت بلا شك تقرأ الكتاب المقدس، أما قرأت أن اليهود جاءوا من مصر غزاة فاتحين، حرقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال، فكيف تقول أن فلسطين بلدهم، وهي للكنعانيين العرب، واليهود مستعمرون، »
الجنرال ديغول« لكنهم يقولون إن أباهم ولد فيها، »
فيصل بن عبد العزيز« غريب، عندك الآن مائة وخمسون سفارة في باريس، وأكثر السفراء يولد لهم أطفال في باريس، فلو صار هؤلاء الأطفال رؤساء دول وجاءوا يطالبونك بحق الولادة في باريس فمسكينة باريس، لا أدري لمن ستكون؟ »
الجنرال ديغول: « يتحدث الناس أنكم يا جلالة الملك تريدون أن تقذفوا بإسرائيل إلى البحر، وإسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعاً، ولا يقبل أحد في العالم رفع هذا الأمر الواقع، »
فيصل بن عبد العزيز « يا فخامة الرئيس أنا أستغرب كلامك هذا، إن هتلر احتل باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً، وكل فرنسا استسلمت إلا أنت انسحبت مع الجيش الانجليزي، وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه، فلا أنت رضخت للأمر الواقع، ولا شعبك رضخ، فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع، والويل يا فخامة الرئيس للضعيف إذا احتله القوي وراح يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديجول أن الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح مشروعا. »
الجنرال ديغول« يا جلالة الملك يقول اليهود إن فلسطين وطنهم الأصلي وجدهم الأعلى إسرائيل ولد هناك، »
فيصل بن عبد العزيز« فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متدين مؤمن بدينك، وأنت بلا شك تقرأ الكتاب المقدس، أما قرأت أن اليهود جاءوا من مصر غزاة فاتحين، حرقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال، فكيف تقول أن فلسطين بلدهم، وهي للكنعانيين العرب، واليهود مستعمرون، »
الجنرال ديغول« لكنهم يقولون إن أباهم ولد فيها، »
فيصل بن عبد العزيز« غريب، عندك الآن مائة وخمسون سفارة في باريس، وأكثر السفراء يولد لهم أطفال في باريس، فلو صار هؤلاء الأطفال رؤساء دول وجاءوا يطالبونك بحق الولادة في باريس فمسكينة باريس، لا أدري لمن ستكون؟ »
حين أمر القاضي بقطع يد السلطان
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أمر السلطان (محمد الفاتح) ببناء أحد الجوامع في مدينة (اسطنبول)،
وكلف أحد المعمارين الروم واسمه (إبسلانتي) بالإشراف على بناء هذا
الجامع،
إذ كان هذا الرومي معمارياً بارعاً.
وكان من بين أوامر السلطان: أن تكون أعمدة هذا الجامع من المرمر،
وأن تكون هذه الأعمدة مرتفعة ليبدو الجامع فخماً، وحدد هذا الارتفاع
لهذا المعماري.
ولكن هذا المعماري الرومي - لسبب من الأسباب - أمر بقص هذه
الأعمدة ، وتقصير طولها دون أن يخبر السلطان ، أو يستشيره في ذلك
، وعندما سمع السلطان (محمد الفاتح) بذلك ، استشاط غضباً ، إذ أن
هذه الأعمدة التي جلبت من مكان بعيد ، لم تعد ذات فائدة في نظره ،
وفي ثورة غضبه هذا ، أمر بقطع يد هذا المعماري. ومع أنه ندم على
ذلك إلا أنه كان ندماً بعد فوات الأوان.
لم يسكت المعماري عن الظلم الذي لحقه ، بل راجع قاضي اسطنبول
الشيخ ( صاري خضر جلبي) الذي كان صيت عدالته قد ذاع وانتشر في
جميع أنحاء الإمبراطورية ،
واشتكى إليه ما لحقه من ظلم من قبل
السلطان (محمد الفاتح). ولم يتردد القاضي في قبول هذه الشكوى ، بل
أرسل من فوره رسولاً إلى السلطان يستدعيه للمثول أمامه في المحكمة
، لوجود شكوى ضده من أحد الرعايا.
ولم يتردد السلطان كذلك في قبول دعوة القاضي ، فالحق والعدل يجب
أن يكون فوق كل سلطان. وفي اليوم المحدد حضر السلطان إلى
المحكمة ، وتوجه للجلوس على المقعد قال له القاضي :
لا يجوز لك الجلوس يا سيدي ... بل عليك الوقوف بجانب خصمك.
وقف السلطان (محمد الفاتح) بجانب خصمه الرومي، الذي شرح
مظلمته للقاضي، وعندما جاء دور السلطان في الكلام، أيد ما قاله الرومي.
وبعد انتهاء كلامه وقف ينتظر حكم القاضي، الذي فكر برهة
ثم توجه إليه قائلاًَ: حسب الأوامر الشرعية ، يجب قطع يدك أيها السلطان قصاصاً لك !!
ذهل المعماري الرومي ، وارتجف دهشة من هذا الحكم الذي نطق به
القاضي ، والذي ما كان يدور بخلده ، أو بخياله لا من قريب ولا من
بعيد ، فقد كان أقصى ما يتوقعه أن يحكم له القاضي بتعويض مالي.
أما أن يحكم له القاضي بقطع يد السلطان (محمد الفاتح) فاتح
(القسطنطينية) الذي كانت دول أوروبا كلها ترتجف منه رعباً، فكان
أمراً وراء الخيال ...
وبصوت ذاهل ، وبعبارات متعثرة قال الرومي
للقاضي ، بأنه يتنازل عن دعواه ، وأن ما يرجوه منه هو الحكم له
بتعويض مالي فقط ،
، لأن قطع يد السلطان لن يفيده شيئاً
فحكم له
القاضي بعشر قطع نقدية ، لكل يوم طوال حياته ، تعويضاً له عن
الضرر البالغ الذي لحق به.
ولكن السلطان (محمد الفاتح) قرر أن
يعطيه عشرين قطعة نقدية ، كل يوم تعبيراً عن فرحه لخلاصه من حكم
القصاص ، وتعبيراً عن ندمه كذلك.
من كتاب روائع من التاريخ العثماني
أمر السلطان (محمد الفاتح) ببناء أحد الجوامع في مدينة (اسطنبول)،
وكلف أحد المعمارين الروم واسمه (إبسلانتي) بالإشراف على بناء هذا
الجامع،
إذ كان هذا الرومي معمارياً بارعاً.
وكان من بين أوامر السلطان: أن تكون أعمدة هذا الجامع من المرمر،
وأن تكون هذه الأعمدة مرتفعة ليبدو الجامع فخماً، وحدد هذا الارتفاع
لهذا المعماري.
ولكن هذا المعماري الرومي - لسبب من الأسباب - أمر بقص هذه
الأعمدة ، وتقصير طولها دون أن يخبر السلطان ، أو يستشيره في ذلك
، وعندما سمع السلطان (محمد الفاتح) بذلك ، استشاط غضباً ، إذ أن
هذه الأعمدة التي جلبت من مكان بعيد ، لم تعد ذات فائدة في نظره ،
وفي ثورة غضبه هذا ، أمر بقطع يد هذا المعماري. ومع أنه ندم على
ذلك إلا أنه كان ندماً بعد فوات الأوان.
لم يسكت المعماري عن الظلم الذي لحقه ، بل راجع قاضي اسطنبول
الشيخ ( صاري خضر جلبي) الذي كان صيت عدالته قد ذاع وانتشر في
جميع أنحاء الإمبراطورية ،
واشتكى إليه ما لحقه من ظلم من قبل
السلطان (محمد الفاتح). ولم يتردد القاضي في قبول هذه الشكوى ، بل
أرسل من فوره رسولاً إلى السلطان يستدعيه للمثول أمامه في المحكمة
، لوجود شكوى ضده من أحد الرعايا.
ولم يتردد السلطان كذلك في قبول دعوة القاضي ، فالحق والعدل يجب
أن يكون فوق كل سلطان. وفي اليوم المحدد حضر السلطان إلى
المحكمة ، وتوجه للجلوس على المقعد قال له القاضي :
لا يجوز لك الجلوس يا سيدي ... بل عليك الوقوف بجانب خصمك.
وقف السلطان (محمد الفاتح) بجانب خصمه الرومي، الذي شرح
مظلمته للقاضي، وعندما جاء دور السلطان في الكلام، أيد ما قاله الرومي.
وبعد انتهاء كلامه وقف ينتظر حكم القاضي، الذي فكر برهة
ثم توجه إليه قائلاًَ: حسب الأوامر الشرعية ، يجب قطع يدك أيها السلطان قصاصاً لك !!
ذهل المعماري الرومي ، وارتجف دهشة من هذا الحكم الذي نطق به
القاضي ، والذي ما كان يدور بخلده ، أو بخياله لا من قريب ولا من
بعيد ، فقد كان أقصى ما يتوقعه أن يحكم له القاضي بتعويض مالي.
أما أن يحكم له القاضي بقطع يد السلطان (محمد الفاتح) فاتح
(القسطنطينية) الذي كانت دول أوروبا كلها ترتجف منه رعباً، فكان
أمراً وراء الخيال ...
وبصوت ذاهل ، وبعبارات متعثرة قال الرومي
للقاضي ، بأنه يتنازل عن دعواه ، وأن ما يرجوه منه هو الحكم له
بتعويض مالي فقط ،
، لأن قطع يد السلطان لن يفيده شيئاً
فحكم له
القاضي بعشر قطع نقدية ، لكل يوم طوال حياته ، تعويضاً له عن
الضرر البالغ الذي لحق به.
ولكن السلطان (محمد الفاتح) قرر أن
يعطيه عشرين قطعة نقدية ، كل يوم تعبيراً عن فرحه لخلاصه من حكم
القصاص ، وتعبيراً عن ندمه كذلك.
من كتاب روائع من التاريخ العثماني
" ما الخلافة ؟ .. وما الملك؟ "
بسم الله الرحمن الرحيم
" ما الخلافة ؟ .. وما الملك ؟ "
سؤال جوهري لا نملك أن نخطط لمستقبل أمتنا ونبني بناءا ذا أساس متين دون أن نجيب عنه،
كما أن في تاريخنا صفحات مشرقة يجب أن نعتز بها ونفخر وجراح يجب أن نعترف بها ولا نجد
حرجافي الحديث عنها لكي نمضي قدما نحو مستقبل زاهر حدده لنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم ورسم معالمه مسبقا.
ما الخلافة ؟ وما الملك ؟
نستنطق الوحي في الإجابة على هذا السؤال ، ولن نعدو إن شاء الله تعالى ذالك إلى رأينا أو
رأي أحد منا ، ونرى رأي الفقهاء والحكماء من الصحابة الكرام الأحبة فهم أدرى بشعاب مكة وهم
الجيل الفريد كما يحب أن يسميهم الشهيد سيد قطب رحمه الله ،أو هم الجيل الخالد كما يحب
أن يلقبهم العلامة المجاهد عبد السلام ياسين حفظه الله وبارك في عمره.
1 ــ لنستمع لرأي حكيم الصحابة رضي الله عنه :
أخرج بن سعد في الطبقات أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لسلمان :" أملك أنا أم خليفة
؟ " فقال سلمان :" إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر ، ثم وضعته في غير
حقه ، فأنت ملك غير خليفة . فاستعبر [ بكى ] عمر ".
سلمان رضي الله عنه مُلئ حكمة بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذالك سأله
الفاروق هذا السؤال الذي يكشف لنا عن معدن الصحابة رضوان الله عليهم وخوفهم من المُلك ،
ولينظر المسلم اللبيب العاقل في الجواب الدقيق لسلمان رضي الله عنه الذي حدد الفرق بين
الخليفة والملك في " درهم " يأخذه فيضعه في غير حقه.
خاف عمر فبكى وهذا يبين لنا مدى خوف وخشية الصحابة رضوان الله عليهم من المسؤولية
والأمانة ويعتبرونها تكليفا لا تشريفا ، بينما يعتبرها الملوك شرفا وميزة .
" درهم " .. درهم فقط .. إنه ميزان دقيق ودقيق جدا، فلم يكن يتخيل الصحابة رضي الله عنهم
ولم يكن يخطر على بالهم أن يتجاوز الحكام كل الحدود ويهدموا كل ما بناه السابقون : الحكم
بغير ما أنزل الله .. الاستحواذ على ثروات البلاد واحتكارها .. تبذير الأموال في سفاسف الأمور ..
الإستبداد والظلم والفساد .. محاربة الدين وإبعاد الدعاة عن مراكز القرار .. موالاة الأعداء من
اليهود والنصارى.. الانغماس في الشهوات والملذات .. ترك الصلاة إلا ما نراه منهم على شاشة
التلفاز في الأعياد والمناسبات .. مصادرة حرية الشعوب في الإختيار ..
ورحم الله الفاروق أمير المؤمنين رضي الله عنه الذي سأل الصحابة يوما كما روى ابن سعد
:" والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك ؟ قال قائل : يا أمير المؤمنين إن بينهما فرقا .قال : ما هو ؟
قال : الخليفة لا يأخذ إلا حقا ، ولا يضعه إلا في حق .وأنت بحمد الله كذالك. والملك يعسف
الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا ".
" يعسف الناس " ، إنه الملك العاض والجبري الذي تحدث عنه المعصوم صلى الله عليه وسلم
في الحديث عند الإمام أحمد :"...ثم تكون ملكا عاضا ... ثم تكون ملكا جبرية ..." ، إنه الظلم
والاستبداد وأخذ حقوق الناس وقمعهم وحرمانهم من خيرات أمتهم .
والعض والجبر سمتان متلازمتان للنظام الغير الشرعي والذي عطل فريضة الشورى وحكم
بالهوى واتبع سبيل أعداء الله وأعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى " ومن
يتولهم منكم فأولئك منهم ".
وهل يعقل أن يكون منا من عطل شرع الله واتبع ملة اليهود والنصارى وحارب الدعاة والعلماء
العاملين وحاصر صوت الحق وجاهر بالفسق والفجور ؟
هل يعقل أن يكون منا من جعل من نفسه ندا لرب العباد سبحانه ؟ من رضي أن يركع له ؟
من سولت له نفسه أنه ملك الملوك ومن قهر العباد وأفسد في الأرض ؟
يقول الله تعالى :" إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة " وزاد المولى
الكريم قوله :" وكذالك يفعلون " ليأكد لنا على أن المٌلك في خدمة الفساد وعلى أنه السبب
في انتشاره وشيوعه ، وعلى أن من مهام الملوك إذلال الأعزاء من العلماء والصالحين من عباد
الله.
والخليفة كما يراه سيدنا سلمان رضي الله عنه ضد هذا كله :" الخليفة لا يأخذ إلا حقا ولا يضع
الا في حق " ، لا يعسف ولا يظلم ولا يعلو على أحد ولا يسرق ويستحوذ على أموال الأمة ، بل
إن مهمته حددها المولى الكريم في قوله تعالى :" الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة
وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور "
2 ــ ما أشبه الليلة بالبارحة :
في قصص القرآن عبرة لمن يعتبر، وفي ذكر المولى عز وجل لقصص فرعون والنمرود وقارون
وغيرهم من الملأ المستكبرين آية لمن أراد أن يأخذ العبرة من التاريخ الماضي ليبني المستقبل
المنتظر والموعود.
يقول الله عز وجل :" إن فرعون علا في الأرض يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي
نسائهم "
"علا " إنه العلو في كل شيئ ، يقبل الشعب له يده، ويركعون له ، بل ويسجدون له ، هو فوق
القانون ، لا يحاسب ولا يراقب ، ولا تصحح أخطائه ولا يمكن النصح له وإن جار وتعدى وظلم وفعل
وفعل من الموبقات والمهلكات ما يندى له جبين الكرماء الشرفاء.
طائفة يستضعفها وهي غالبية الأمة من الشعوب التي تعيش وترزخ تحت وطأة الجور والحيف
والظلم، مسلوبة الإرادة،مقهورة مغلوبة على أمرها ، لا تملك أدنى كرامة وأدنى سيادة.
وطائفة أخرى مقربة وهم أصحاب الحظوة وأصحاب المنافع ومعهم من يغرد ويسبح بحمد النظام
وتمجيده وتعظيمه ، فهؤلاء يقول الله عز وجل فيهم :" إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين".
فرعون وهامان والجنود رموز لم تمت وهي باقية تحارب وتقاتل أهل الحق لتُبقي على منافعها
ومصالحها وتحافظ على ممتلكاتها وما سرقته من أموال الأمة ، وتستمر في استعباد الأمة
وإذلالها وسلبها حريتها وإرادتها وما حققته من مكاسب دنيوية بحتة.
3 ــ كلمة الفصل :
كلمة الفصل هي ما نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس هناك كلام بعد كلام
المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ولا حكم غير حكمه صلى الله عليه وسلم ، ولا رأي غير رأيه
صلى الله عليه وسلم ، والويل ثم الويل لمن حاد عن منهاج النبوة وتنكب عن شريعة النبي
المختار صلى الله عليه وسلم.
روى الإمام أحمد رحمه الله بسند صحيح عن حبيب بن سالم رحمه الله عن النعمان بن بشير
رضي الله عنه قال :" كنا قعودا في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان بشير
رجلا يكف حديثه . فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال : يا بشير بن سعد ، أتحفظ حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم في الأمراء ؟ فقال حذيفة : أنا أحفظ خطبته . فجلس أبو ثعلبة .فقال
حذيفة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها
إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا
شاء أن يرفعها . ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها . ثم
تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون خلافة على
منهاج النبوة .ثم سكت.
خمس مراحل تمر منها أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم :
أ ــ مرحلة النبوة والتي تميزت بوجود النبي صلى الله عليه وسلم وهو عبد يوحى إليه من رب
العالمين .
ب ــ ثم مرحلة ثانية وهي الخلافة على منهاج النبوة والتي تميزت بسير الخلفاء الراشدون رضي
الله عنهم على المنهاج النبوي إتباعا واقتداءا بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وبحكمهم بالعدل
وأخذهم أمر القيادة والحكم بالشورى وبرضا الأمة ، دون تسلط أو تجبر أو تعسف أو إقصاء أو إذلال
لأحد .
وفي هذه المرحلة عرفت الأمة خير أيامها فقد كثرت الفتوح وازدهرت الأمة ودخل الناس في دين
الله أفواجا وما ذالك إلا نتيجة التربية الإيمانية الإحسانية والجهادية التي ترباها الصحابة رضوان
الله عليهم ومعهم الخلفاء الراشدون على يدي المربي الأعظم صلى الله عليه وسلم، وانتفى
الظلم والحيف والجور وقهر العباد ، ورحم الله ربعي بن عامر رضي الله عنه الذي قال على بساط
رستم :" إن الله ابتعثنا لننقذ من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان
إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ".
ت ــ ومرحلة ثالثة ورابعة سماها النبي صلى الله عليه وسلم بالملك العاض الذي يعض ويعسف
على الأمة والجبري الذي تسلط وتجبر على رقاب الأمة ، وتميزت هاتان المرحلتان بتغييب
الشورى في الحكم واعتماد نظام التوارث وبيعة الإكراه وهذا ما كان يرفضه الخلفاء الراشدون ،
فقد اعترض عمر رضي الله عنه على ترشيح ابنه عبد الله رضي الله عنه ، وقيل لعلي الإمام
:" ألا تستخلف ؟" أجاب رضي الله عنه :" لا ولكن أترككم كما ترككم رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، فإن يرد الله بكم خيرا يجمعكم على خيركم كما جمعكم على خيركم بعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم" الطبقات ج3ص222.
كما تميزت هذه المرحلة باستضعاف الأمة وقهرها وإذلالها وسلب ممتلكاتها وخيراتها وحتى
إرادتها ومقومات عزها وشرفها ، وتمزقت إلى دويلات صغيرة وكيانات متفرقة ،فأصبحت غثاء كغثاء
السيل كما جاء في الحديث الشريف
ث ــ ومرحلة خامسة وهي " الخلافة على منهاج النبوة " ،وهي بشرى للمؤمنين والمؤمنات
ولسكان الأرض عموما ، واستنهاض لكل مسلم ليقتحم العقبة ويعمل ويجاهد ويبذل الغالي
والنفيس من أجل استرجاعها وإعادة الأمور إلى نصابها ،وهي عائدة بإذن الله تعالى رغم كيد
الكائدين ومكر الماكرين.
هي خلافة ليست ملكا ، وهي على منهاج النبوة ، وهي أيضا عود على بدء ،و" لن يصلح آخر
هذه الأمة الا بما صلح به أولها " كما قال الإمام مالك رحمه .
4 ــ خاتمة :
هل بعد كلام النبوة كلام ؟وهل بعد رأي المعصوم صلى الله عليه وسلم رأي ؟ وهل بعد قراءتنا
لكلام النبوة وتعرفنا على رأي الحبيب صلى الله عليه وسلم في الخلافة والملك نقول : الخلافة
الأموية والعباسية والعثمانية ونقول الخليفة الأموي أو العباسي أو العثماني ؟
كلا والله إنهم ملوك ، ورحم الله ورضي عن أبي هريرة فقد روى البخاري رحمه الله عن سعيد بن
عمرو بن سعيد قال : كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
بالمدينة ومعنا مروان. قال أبو هريرة :سمعت الصادق المصدوق يقول :" هلكة أمتي على يدي
غلمة من قريش " فقال مروان : لعنة الله عليهم غلمة. فقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول بني
فلان ، بني فلان ، لفعلت ". فكنت أخرج مع جدي إلى بتي مروان حين ملكوا الشام ، فإذا رآهم
غلمانا أحداثا قال لنا : عسى أن هؤلاء أن يكونوا منهم . قلنا : أنت أعلم " ، والحديث عند الإمام
أحمد من طرق متعددة .
كيف انقض الملوك على الخلفاء حتى سال الدم الزكي فقتل واستشهد الخليفة الراشد عثمان
رضي الله عنه ، ثم علي الإمام رضي الله عنه ، ثم الحسين رضي الله عنه حفيد رسول الله صلى
الله عليه وسلم في كربلاء ، حتى جاء معاوية رضي الله عنه فكان أول ملك كما شهد بذالك على
نفسه.
وسنتحدث إن شاء عن هذا التاريخ المنسي وعن الجرح الغائر في تاريخنا وعن الإنكسار
التاريخي الذي لا زلنا نكتوي بناره .
وصل اللهم وسلم على الحبيب وعلى آله وصحبه وإخوانه من بعده والحمد لله رب العالمين.
تم بحمد الله يوم 21 ـ 05 ـ 2011 ليلا
" ما الخلافة ؟ .. وما الملك ؟ "
سؤال جوهري لا نملك أن نخطط لمستقبل أمتنا ونبني بناءا ذا أساس متين دون أن نجيب عنه،
كما أن في تاريخنا صفحات مشرقة يجب أن نعتز بها ونفخر وجراح يجب أن نعترف بها ولا نجد
حرجافي الحديث عنها لكي نمضي قدما نحو مستقبل زاهر حدده لنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم ورسم معالمه مسبقا.
ما الخلافة ؟ وما الملك ؟
نستنطق الوحي في الإجابة على هذا السؤال ، ولن نعدو إن شاء الله تعالى ذالك إلى رأينا أو
رأي أحد منا ، ونرى رأي الفقهاء والحكماء من الصحابة الكرام الأحبة فهم أدرى بشعاب مكة وهم
الجيل الفريد كما يحب أن يسميهم الشهيد سيد قطب رحمه الله ،أو هم الجيل الخالد كما يحب
أن يلقبهم العلامة المجاهد عبد السلام ياسين حفظه الله وبارك في عمره.
1 ــ لنستمع لرأي حكيم الصحابة رضي الله عنه :
أخرج بن سعد في الطبقات أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لسلمان :" أملك أنا أم خليفة
؟ " فقال سلمان :" إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر ، ثم وضعته في غير
حقه ، فأنت ملك غير خليفة . فاستعبر [ بكى ] عمر ".
سلمان رضي الله عنه مُلئ حكمة بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذالك سأله
الفاروق هذا السؤال الذي يكشف لنا عن معدن الصحابة رضوان الله عليهم وخوفهم من المُلك ،
ولينظر المسلم اللبيب العاقل في الجواب الدقيق لسلمان رضي الله عنه الذي حدد الفرق بين
الخليفة والملك في " درهم " يأخذه فيضعه في غير حقه.
خاف عمر فبكى وهذا يبين لنا مدى خوف وخشية الصحابة رضوان الله عليهم من المسؤولية
والأمانة ويعتبرونها تكليفا لا تشريفا ، بينما يعتبرها الملوك شرفا وميزة .
" درهم " .. درهم فقط .. إنه ميزان دقيق ودقيق جدا، فلم يكن يتخيل الصحابة رضي الله عنهم
ولم يكن يخطر على بالهم أن يتجاوز الحكام كل الحدود ويهدموا كل ما بناه السابقون : الحكم
بغير ما أنزل الله .. الاستحواذ على ثروات البلاد واحتكارها .. تبذير الأموال في سفاسف الأمور ..
الإستبداد والظلم والفساد .. محاربة الدين وإبعاد الدعاة عن مراكز القرار .. موالاة الأعداء من
اليهود والنصارى.. الانغماس في الشهوات والملذات .. ترك الصلاة إلا ما نراه منهم على شاشة
التلفاز في الأعياد والمناسبات .. مصادرة حرية الشعوب في الإختيار ..
ورحم الله الفاروق أمير المؤمنين رضي الله عنه الذي سأل الصحابة يوما كما روى ابن سعد
:" والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك ؟ قال قائل : يا أمير المؤمنين إن بينهما فرقا .قال : ما هو ؟
قال : الخليفة لا يأخذ إلا حقا ، ولا يضعه إلا في حق .وأنت بحمد الله كذالك. والملك يعسف
الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا ".
" يعسف الناس " ، إنه الملك العاض والجبري الذي تحدث عنه المعصوم صلى الله عليه وسلم
في الحديث عند الإمام أحمد :"...ثم تكون ملكا عاضا ... ثم تكون ملكا جبرية ..." ، إنه الظلم
والاستبداد وأخذ حقوق الناس وقمعهم وحرمانهم من خيرات أمتهم .
والعض والجبر سمتان متلازمتان للنظام الغير الشرعي والذي عطل فريضة الشورى وحكم
بالهوى واتبع سبيل أعداء الله وأعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى " ومن
يتولهم منكم فأولئك منهم ".
وهل يعقل أن يكون منا من عطل شرع الله واتبع ملة اليهود والنصارى وحارب الدعاة والعلماء
العاملين وحاصر صوت الحق وجاهر بالفسق والفجور ؟
هل يعقل أن يكون منا من جعل من نفسه ندا لرب العباد سبحانه ؟ من رضي أن يركع له ؟
من سولت له نفسه أنه ملك الملوك ومن قهر العباد وأفسد في الأرض ؟
يقول الله تعالى :" إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة " وزاد المولى
الكريم قوله :" وكذالك يفعلون " ليأكد لنا على أن المٌلك في خدمة الفساد وعلى أنه السبب
في انتشاره وشيوعه ، وعلى أن من مهام الملوك إذلال الأعزاء من العلماء والصالحين من عباد
الله.
والخليفة كما يراه سيدنا سلمان رضي الله عنه ضد هذا كله :" الخليفة لا يأخذ إلا حقا ولا يضع
الا في حق " ، لا يعسف ولا يظلم ولا يعلو على أحد ولا يسرق ويستحوذ على أموال الأمة ، بل
إن مهمته حددها المولى الكريم في قوله تعالى :" الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة
وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور "
2 ــ ما أشبه الليلة بالبارحة :
في قصص القرآن عبرة لمن يعتبر، وفي ذكر المولى عز وجل لقصص فرعون والنمرود وقارون
وغيرهم من الملأ المستكبرين آية لمن أراد أن يأخذ العبرة من التاريخ الماضي ليبني المستقبل
المنتظر والموعود.
يقول الله عز وجل :" إن فرعون علا في الأرض يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي
نسائهم "
"علا " إنه العلو في كل شيئ ، يقبل الشعب له يده، ويركعون له ، بل ويسجدون له ، هو فوق
القانون ، لا يحاسب ولا يراقب ، ولا تصحح أخطائه ولا يمكن النصح له وإن جار وتعدى وظلم وفعل
وفعل من الموبقات والمهلكات ما يندى له جبين الكرماء الشرفاء.
طائفة يستضعفها وهي غالبية الأمة من الشعوب التي تعيش وترزخ تحت وطأة الجور والحيف
والظلم، مسلوبة الإرادة،مقهورة مغلوبة على أمرها ، لا تملك أدنى كرامة وأدنى سيادة.
وطائفة أخرى مقربة وهم أصحاب الحظوة وأصحاب المنافع ومعهم من يغرد ويسبح بحمد النظام
وتمجيده وتعظيمه ، فهؤلاء يقول الله عز وجل فيهم :" إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين".
فرعون وهامان والجنود رموز لم تمت وهي باقية تحارب وتقاتل أهل الحق لتُبقي على منافعها
ومصالحها وتحافظ على ممتلكاتها وما سرقته من أموال الأمة ، وتستمر في استعباد الأمة
وإذلالها وسلبها حريتها وإرادتها وما حققته من مكاسب دنيوية بحتة.
3 ــ كلمة الفصل :
كلمة الفصل هي ما نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس هناك كلام بعد كلام
المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ولا حكم غير حكمه صلى الله عليه وسلم ، ولا رأي غير رأيه
صلى الله عليه وسلم ، والويل ثم الويل لمن حاد عن منهاج النبوة وتنكب عن شريعة النبي
المختار صلى الله عليه وسلم.
روى الإمام أحمد رحمه الله بسند صحيح عن حبيب بن سالم رحمه الله عن النعمان بن بشير
رضي الله عنه قال :" كنا قعودا في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان بشير
رجلا يكف حديثه . فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال : يا بشير بن سعد ، أتحفظ حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم في الأمراء ؟ فقال حذيفة : أنا أحفظ خطبته . فجلس أبو ثعلبة .فقال
حذيفة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها
إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا
شاء أن يرفعها . ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها . ثم
تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون خلافة على
منهاج النبوة .ثم سكت.
خمس مراحل تمر منها أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم :
أ ــ مرحلة النبوة والتي تميزت بوجود النبي صلى الله عليه وسلم وهو عبد يوحى إليه من رب
العالمين .
ب ــ ثم مرحلة ثانية وهي الخلافة على منهاج النبوة والتي تميزت بسير الخلفاء الراشدون رضي
الله عنهم على المنهاج النبوي إتباعا واقتداءا بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وبحكمهم بالعدل
وأخذهم أمر القيادة والحكم بالشورى وبرضا الأمة ، دون تسلط أو تجبر أو تعسف أو إقصاء أو إذلال
لأحد .
وفي هذه المرحلة عرفت الأمة خير أيامها فقد كثرت الفتوح وازدهرت الأمة ودخل الناس في دين
الله أفواجا وما ذالك إلا نتيجة التربية الإيمانية الإحسانية والجهادية التي ترباها الصحابة رضوان
الله عليهم ومعهم الخلفاء الراشدون على يدي المربي الأعظم صلى الله عليه وسلم، وانتفى
الظلم والحيف والجور وقهر العباد ، ورحم الله ربعي بن عامر رضي الله عنه الذي قال على بساط
رستم :" إن الله ابتعثنا لننقذ من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان
إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ".
ت ــ ومرحلة ثالثة ورابعة سماها النبي صلى الله عليه وسلم بالملك العاض الذي يعض ويعسف
على الأمة والجبري الذي تسلط وتجبر على رقاب الأمة ، وتميزت هاتان المرحلتان بتغييب
الشورى في الحكم واعتماد نظام التوارث وبيعة الإكراه وهذا ما كان يرفضه الخلفاء الراشدون ،
فقد اعترض عمر رضي الله عنه على ترشيح ابنه عبد الله رضي الله عنه ، وقيل لعلي الإمام
:" ألا تستخلف ؟" أجاب رضي الله عنه :" لا ولكن أترككم كما ترككم رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، فإن يرد الله بكم خيرا يجمعكم على خيركم كما جمعكم على خيركم بعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم" الطبقات ج3ص222.
كما تميزت هذه المرحلة باستضعاف الأمة وقهرها وإذلالها وسلب ممتلكاتها وخيراتها وحتى
إرادتها ومقومات عزها وشرفها ، وتمزقت إلى دويلات صغيرة وكيانات متفرقة ،فأصبحت غثاء كغثاء
السيل كما جاء في الحديث الشريف
ث ــ ومرحلة خامسة وهي " الخلافة على منهاج النبوة " ،وهي بشرى للمؤمنين والمؤمنات
ولسكان الأرض عموما ، واستنهاض لكل مسلم ليقتحم العقبة ويعمل ويجاهد ويبذل الغالي
والنفيس من أجل استرجاعها وإعادة الأمور إلى نصابها ،وهي عائدة بإذن الله تعالى رغم كيد
الكائدين ومكر الماكرين.
هي خلافة ليست ملكا ، وهي على منهاج النبوة ، وهي أيضا عود على بدء ،و" لن يصلح آخر
هذه الأمة الا بما صلح به أولها " كما قال الإمام مالك رحمه .
4 ــ خاتمة :
هل بعد كلام النبوة كلام ؟وهل بعد رأي المعصوم صلى الله عليه وسلم رأي ؟ وهل بعد قراءتنا
لكلام النبوة وتعرفنا على رأي الحبيب صلى الله عليه وسلم في الخلافة والملك نقول : الخلافة
الأموية والعباسية والعثمانية ونقول الخليفة الأموي أو العباسي أو العثماني ؟
كلا والله إنهم ملوك ، ورحم الله ورضي عن أبي هريرة فقد روى البخاري رحمه الله عن سعيد بن
عمرو بن سعيد قال : كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
بالمدينة ومعنا مروان. قال أبو هريرة :سمعت الصادق المصدوق يقول :" هلكة أمتي على يدي
غلمة من قريش " فقال مروان : لعنة الله عليهم غلمة. فقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول بني
فلان ، بني فلان ، لفعلت ". فكنت أخرج مع جدي إلى بتي مروان حين ملكوا الشام ، فإذا رآهم
غلمانا أحداثا قال لنا : عسى أن هؤلاء أن يكونوا منهم . قلنا : أنت أعلم " ، والحديث عند الإمام
أحمد من طرق متعددة .
كيف انقض الملوك على الخلفاء حتى سال الدم الزكي فقتل واستشهد الخليفة الراشد عثمان
رضي الله عنه ، ثم علي الإمام رضي الله عنه ، ثم الحسين رضي الله عنه حفيد رسول الله صلى
الله عليه وسلم في كربلاء ، حتى جاء معاوية رضي الله عنه فكان أول ملك كما شهد بذالك على
نفسه.
وسنتحدث إن شاء عن هذا التاريخ المنسي وعن الجرح الغائر في تاريخنا وعن الإنكسار
التاريخي الذي لا زلنا نكتوي بناره .
وصل اللهم وسلم على الحبيب وعلى آله وصحبه وإخوانه من بعده والحمد لله رب العالمين.
تم بحمد الله يوم 21 ـ 05 ـ 2011 ليلا
مواضيع مماثلة
» عالم أجنة يهودي يعتنق الإسلام بسبب عدة المرأة المسلمة
» عالم أجنة يهودي يعتنق الإسلام بسبب عدة المرأة المسلمة
» عالم أجنة يهودي يعتنق الإسلام بسبب عدة المرأة المسلمة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى