حوار مع الأديب عبد التواب يوسف وصف أحد خبراء التربية أدب الطفل قائلا:
صفحة 1 من اصل 1
حوار مع الأديب عبد التواب يوسف وصف أحد خبراء التربية أدب الطفل قائلا:
"يقع أدب الأطفال موقع القلب من منظومة التنشئة الاجتماعية في أي دولة من الدول، ذلك أن ما يحفل به هذا الأدب من قيم ومبادئ وأفكار تتسرب إلى وجدان الأطفال فتسهم في تشكيل شخصياتهم ورؤاهم ومعتقداتهم".
وهذه المقولة تعكس مدى أهمية أدب الأطفال وتأثيره الكبير في شخصية الطفل؛ بل والمجتمع بأسره.
فما واقع أدب الأطفال في وطننا العربي؟
وكيف يمكن النهوض بثقافة الطفل؟
طرحنا هذين السؤالين على (عبد التواب يوسف) المعني بأدب الأطفال في الوطن العربي، والحاصل على جائزة منظمة الثقافة العربية 1990م، وجائزة المجلس العالمي لكتب الأطفال 1998م، وجائزة الملك فيصل العالمية في الآداب 1991م، وجائزة معرض بولونيا لكتب الأطفال 2000م:
لديك دراسة متعمقة حول أدب الأطفال في الخليج العربي بعنوان "حول أدب الأطفال في الخليج العربي" فهل تغير الحال كثيرًا منذ قمت بهذه الدراسة وحتى الآن؟
ذكرت خلال دراستي أن العناية بأدب الطفل سمة حضارية لأنها تعني التعامل مع "علم المستقبل" والتخطيط له، فقديمًا قالت العرب: "إننا نربيهم لزمان غير زماننا"، وقد اهتمت منطقة الخليج العربي بهذا الأدب من منطلق الأصالة والمعاصرة والمستقبلية.
ورغم هذه البديهية إلا أن الأقلام التي اقتحمت مجال أدب الأطفال قليلة والكتب الصادرة لهم عددها متواضع، وهذا بسبب حداثة هذا اللون من الأدب وقلة التقدير الأدبي والمادي للمشتغلين به، لهذا انصرف عنه كثيرون كان من الممكن أن يحققوا فيه نجاحًا كبيرًا.
والتشجيع والاهتمام سواء من الحكومات أو المؤسسات الثقافية والاجتماعية ذات العلاقة هو السبيل الوحيد للقضاء على تلك السلبيات التي تقف حجر عثرة أمام تطور أدب الأطفال في الخليج العربي، ولعل العدد القليل الذي يكتب في مجال أدب الطفل اليوم يشجع وزارات الإعلام في دول الخليج على تبنيهم ودعمهم وتوفير دورات خاصة لتدريبهم والرقي بقدراتهم، بل إنه يكفيهم حتى طباعة مؤلفاتهم وتسهيل إنتاجها.
لك منهج خاص في الكتابة للأطفال في التركيز على القيم الإسلامية وكثيرًا ما كان منهجك دافعًا لكثير من الباحثين لتحليله. فهل تعطينا فكرة عامة عن منهجك في الكتابة للأطفال، وهل على كل كاتب أن يكون له منهج؟
منهجي في الكتابة للأطفال يبدأ بترسيخ العقيدة ثم تحبيب القرآن الكريم لهم، فحفظ الأطفال لآيات القرآن ترتقي بهم لأسلوب القرآن الراقي والمعجز، وقد ركزت في قصصي على الطيور والحيوانات التي ذُكرت في القرآن الكريم ومجموعها 30 طائرًا وحيوانًا. وبدأت بقصة عن الحوت فقلت [أنا حوت يصل وزني غلى 75 طنًا، مع أن بيضتي لا يمكن أن تُرى بالعين المجردة]. وكان هذا أسلوبي، الدمج بين المعلومة العلمية والدينية في آن واحد. بعد ذلك قمت بكتابة المكتبة القرآنية. فالقصص القديمة أخذت القصص من القرآن، أما هذه المجموعة فكانت حول قصص القرآن، وهناك فرق كبير، وسأذكر لك نموذجًا:
معلمة تقول للطلاب اكتبوا لنا قصة أصحاب الفيل في 26 كلمة، فالقصة طويلة ولا يستطيعون تلخيصها في 26 كلمة فقط. فشل الطلاب في اختصارها، فقالت لهم المدرسة لا تقلقوا سأعرفكم في البداية لماذا اخترت 26 كلمة، لأن القرآن الكريم أورد هذه القصة في 26 كلمة، ومن خلال هذه القصة نبين للأطفال عظمة القرآن الكريم ومعجزته.
وصفك كثيرون، على مستوى الوطن العربي، بأنك رائد لأدب الأطفال في الوطن العربي؟
مقاطعًا: أنا لست رائدًا ولا أحب هذه التسمية، فالرائد الحقيقي هو كامل كيلاني، وقد سرت على درب هذا الرجل، وأنا أعده أهم من "أندرسون" لأنه قام بابتكار 10 قنوات لثقافة الأطفال، ففي المرح ألف قصصًا حول جحا، وقام بتأليف قصص دينية، فألف قصصًا عن السيرة النبوية في 30 كتابًا، وأضاف العلوم، لكنه بالنسبة للوقت الذي كان فيه كانت فقط عبارة عن (أحياء)، اهتم بالحيوانات والنباتات فقط، فلم تكن هناك فيزياء وكيمياء وتقنية كما هو الحال في عصرنا، وأنا أؤمن هنا بمقولة شهيرة "لبرنارد شو" حيث يقول: "إنني لا أشبه شكسبير لكنني أقف على أكتافه".
لذلك فقد طورت بعد كامل كيلاني وبيني وبينه50 عامًا، وما ساعدني على التطوير أنني عرفت أدب الأطفال العالمي ومستجداته، وتواكبت معه لحظة بلحظة، وقمت بترجمة قمم أدب الأطفال إلى اللغة العربية حتى نتعرف على هذا الأدب، ومع الأسف فإن كتاب الأطفال لدينا لغتهم الأجنبية ليست بالقدر الكافي الذي يمكنهم من الاطلاع على أفضل ما كتبه كُتاب الأطفال في الغرب، وهم بحاجة لمن يُعرفهم.
كيف يمكننا أن نزيد من عدد كتاب الأطفال في الوطن العربي؟
مشكلتنا في الوطن العربي أن أغلب من يطلق عليهم كُتاب أطفال يقومون بإعادة إنتاج، فهم فقط يقومون بعمل صياغة جديدة لحكايات قديمة، ولا يوجد إبداع حقيقي، فمن يرغب في الكتابة للأطفال بشكل حقيقي عليه أن يتأكد أن لديه موهبة وقدرة على الكتابة للأطفال.
كيف يمكن أن يتأكد كاتب ما أن لديه موهبة في الكتابة للأطفال؟
يظهر هذا في ميوله واتجاهاته، وعلى الراغب في الكتابة للأطفال أن يدرس، لأن الكتابة للأطفال في غاية الصعوبة، وعلى كاتب الأطفال أن تكون لديه قدرات لغوية كبيرة حتى يستطيع أن يبسط دون أن يخل بالرقي اللغوي، فالطفل لديه كلمات قليلة يتفهمها، لذا فعلى الكاتب أن يوصل ليس فقط المعلومة، بل المشاعر والأحاسيس والأدب الذي يريد أن ينقله للطفل من خلال قصة ما، وأنا أركز بشكل كبير على أن الكتابة للأطفال لا بد أن تكون بأسلوب جميل حتى تنمي ثروتهم اللغوية، وعلى كاتب قصص الأطفال الناجح أن يخاطب العقل والقلب في الوقت نفسه، والكتابة للأطفال تحتاج إلى تضحيات وتتطلب معاناةً كبيرة.
وهذه المقولة تعكس مدى أهمية أدب الأطفال وتأثيره الكبير في شخصية الطفل؛ بل والمجتمع بأسره.
فما واقع أدب الأطفال في وطننا العربي؟
وكيف يمكن النهوض بثقافة الطفل؟
طرحنا هذين السؤالين على (عبد التواب يوسف) المعني بأدب الأطفال في الوطن العربي، والحاصل على جائزة منظمة الثقافة العربية 1990م، وجائزة المجلس العالمي لكتب الأطفال 1998م، وجائزة الملك فيصل العالمية في الآداب 1991م، وجائزة معرض بولونيا لكتب الأطفال 2000م:
لديك دراسة متعمقة حول أدب الأطفال في الخليج العربي بعنوان "حول أدب الأطفال في الخليج العربي" فهل تغير الحال كثيرًا منذ قمت بهذه الدراسة وحتى الآن؟
ذكرت خلال دراستي أن العناية بأدب الطفل سمة حضارية لأنها تعني التعامل مع "علم المستقبل" والتخطيط له، فقديمًا قالت العرب: "إننا نربيهم لزمان غير زماننا"، وقد اهتمت منطقة الخليج العربي بهذا الأدب من منطلق الأصالة والمعاصرة والمستقبلية.
ورغم هذه البديهية إلا أن الأقلام التي اقتحمت مجال أدب الأطفال قليلة والكتب الصادرة لهم عددها متواضع، وهذا بسبب حداثة هذا اللون من الأدب وقلة التقدير الأدبي والمادي للمشتغلين به، لهذا انصرف عنه كثيرون كان من الممكن أن يحققوا فيه نجاحًا كبيرًا.
والتشجيع والاهتمام سواء من الحكومات أو المؤسسات الثقافية والاجتماعية ذات العلاقة هو السبيل الوحيد للقضاء على تلك السلبيات التي تقف حجر عثرة أمام تطور أدب الأطفال في الخليج العربي، ولعل العدد القليل الذي يكتب في مجال أدب الطفل اليوم يشجع وزارات الإعلام في دول الخليج على تبنيهم ودعمهم وتوفير دورات خاصة لتدريبهم والرقي بقدراتهم، بل إنه يكفيهم حتى طباعة مؤلفاتهم وتسهيل إنتاجها.
لك منهج خاص في الكتابة للأطفال في التركيز على القيم الإسلامية وكثيرًا ما كان منهجك دافعًا لكثير من الباحثين لتحليله. فهل تعطينا فكرة عامة عن منهجك في الكتابة للأطفال، وهل على كل كاتب أن يكون له منهج؟
منهجي في الكتابة للأطفال يبدأ بترسيخ العقيدة ثم تحبيب القرآن الكريم لهم، فحفظ الأطفال لآيات القرآن ترتقي بهم لأسلوب القرآن الراقي والمعجز، وقد ركزت في قصصي على الطيور والحيوانات التي ذُكرت في القرآن الكريم ومجموعها 30 طائرًا وحيوانًا. وبدأت بقصة عن الحوت فقلت [أنا حوت يصل وزني غلى 75 طنًا، مع أن بيضتي لا يمكن أن تُرى بالعين المجردة]. وكان هذا أسلوبي، الدمج بين المعلومة العلمية والدينية في آن واحد. بعد ذلك قمت بكتابة المكتبة القرآنية. فالقصص القديمة أخذت القصص من القرآن، أما هذه المجموعة فكانت حول قصص القرآن، وهناك فرق كبير، وسأذكر لك نموذجًا:
معلمة تقول للطلاب اكتبوا لنا قصة أصحاب الفيل في 26 كلمة، فالقصة طويلة ولا يستطيعون تلخيصها في 26 كلمة فقط. فشل الطلاب في اختصارها، فقالت لهم المدرسة لا تقلقوا سأعرفكم في البداية لماذا اخترت 26 كلمة، لأن القرآن الكريم أورد هذه القصة في 26 كلمة، ومن خلال هذه القصة نبين للأطفال عظمة القرآن الكريم ومعجزته.
وصفك كثيرون، على مستوى الوطن العربي، بأنك رائد لأدب الأطفال في الوطن العربي؟
مقاطعًا: أنا لست رائدًا ولا أحب هذه التسمية، فالرائد الحقيقي هو كامل كيلاني، وقد سرت على درب هذا الرجل، وأنا أعده أهم من "أندرسون" لأنه قام بابتكار 10 قنوات لثقافة الأطفال، ففي المرح ألف قصصًا حول جحا، وقام بتأليف قصص دينية، فألف قصصًا عن السيرة النبوية في 30 كتابًا، وأضاف العلوم، لكنه بالنسبة للوقت الذي كان فيه كانت فقط عبارة عن (أحياء)، اهتم بالحيوانات والنباتات فقط، فلم تكن هناك فيزياء وكيمياء وتقنية كما هو الحال في عصرنا، وأنا أؤمن هنا بمقولة شهيرة "لبرنارد شو" حيث يقول: "إنني لا أشبه شكسبير لكنني أقف على أكتافه".
لذلك فقد طورت بعد كامل كيلاني وبيني وبينه50 عامًا، وما ساعدني على التطوير أنني عرفت أدب الأطفال العالمي ومستجداته، وتواكبت معه لحظة بلحظة، وقمت بترجمة قمم أدب الأطفال إلى اللغة العربية حتى نتعرف على هذا الأدب، ومع الأسف فإن كتاب الأطفال لدينا لغتهم الأجنبية ليست بالقدر الكافي الذي يمكنهم من الاطلاع على أفضل ما كتبه كُتاب الأطفال في الغرب، وهم بحاجة لمن يُعرفهم.
كيف يمكننا أن نزيد من عدد كتاب الأطفال في الوطن العربي؟
مشكلتنا في الوطن العربي أن أغلب من يطلق عليهم كُتاب أطفال يقومون بإعادة إنتاج، فهم فقط يقومون بعمل صياغة جديدة لحكايات قديمة، ولا يوجد إبداع حقيقي، فمن يرغب في الكتابة للأطفال بشكل حقيقي عليه أن يتأكد أن لديه موهبة وقدرة على الكتابة للأطفال.
كيف يمكن أن يتأكد كاتب ما أن لديه موهبة في الكتابة للأطفال؟
يظهر هذا في ميوله واتجاهاته، وعلى الراغب في الكتابة للأطفال أن يدرس، لأن الكتابة للأطفال في غاية الصعوبة، وعلى كاتب الأطفال أن تكون لديه قدرات لغوية كبيرة حتى يستطيع أن يبسط دون أن يخل بالرقي اللغوي، فالطفل لديه كلمات قليلة يتفهمها، لذا فعلى الكاتب أن يوصل ليس فقط المعلومة، بل المشاعر والأحاسيس والأدب الذي يريد أن ينقله للطفل من خلال قصة ما، وأنا أركز بشكل كبير على أن الكتابة للأطفال لا بد أن تكون بأسلوب جميل حتى تنمي ثروتهم اللغوية، وعلى كاتب قصص الأطفال الناجح أن يخاطب العقل والقلب في الوقت نفسه، والكتابة للأطفال تحتاج إلى تضحيات وتتطلب معاناةً كبيرة.
مواضيع مماثلة
» معجزة من سورة يوسف -جديد-
» خيال الطفل .. الاستثمار في المضمون
» حوار مع المؤرخة الأمريكية "إيفون حداد"
» التربية الإسلامية - الأخلاق المذمومة - الدرس (06-10) : الإمعة
» التربية الإسلامية -علم القلوب - الدرس ( 16 - 54) : الحكمة12 (أولى علاماتها ، الصمت ).
» خيال الطفل .. الاستثمار في المضمون
» حوار مع المؤرخة الأمريكية "إيفون حداد"
» التربية الإسلامية - الأخلاق المذمومة - الدرس (06-10) : الإمعة
» التربية الإسلامية -علم القلوب - الدرس ( 16 - 54) : الحكمة12 (أولى علاماتها ، الصمت ).
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى