الدرس (17-64) : بناء الكيان الإسلامي
صفحة 1 من اصل 1
الدرس (17-64) : بناء الكيان الإسلامي
أسلوب القرآن في التعليم :
أيها الإخوة ؛ قد يتسأل بعض الإخوة الكرام عن سبب ورود قصة بني إسرائيل بشكل مكثف في القرآن الكريم ، الحقيقة أن الأمراض التي وقع فيها بنو إسرائيل المسلمون مهيئون أن يقعوا فيها ، والأصح وقد وقعوا بها ، هذا أسلوب غير مباشر ، أبلغ في التعبير ، اخترت آية في هذه الليلة ، يقول الله عز وجل :
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى ﴾
[ سورة الأعراف الآية : 169 ]
المعنى الدقيق :
الطرف الآخر بنى أمته فأملى إرادته على الشعوب
أن معنى هذا الدين الدقيق تكاليف منوعة ، بعض التكاليف لا تكلف شيئاً ، في عصور تأخرهم اكتفوا بالحد الأدنى ، يصلون ، يحجون ، يعتمرون ، لكن بناء الأمة ، الطرف الآخر بنى أمته بناء قوياً جداً ، فأملى إرادته على كل الشعوب ، نحن ماذا ينبغي أن نفعل ؟ المشكلة أننا حينما نكون ضعافاً الطرف الآخر يملي علينا كل شيء ، يمنعنا أن نقرأ قرآننا ، يمنعنا أن نعلم أولادنا أمور الدين ، يمنعنا أن نحافظ على استقامتنا ، يملي علينا ثقافته وشركه ، وإباحته ، لذلك لا يكفي أن نأخذ الحد الأدنى ، لا بد من أن نأخذ الحد الأعلى ، كيف يؤخذ الحد الأعلى ؟ .
أيها الإخوة ؛ ورد بالحديث الشريف عن عوف بن مالك رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( إِن الله يَلُومُ على العَجْز ))
[ أخرجه أبو داود ]
يَلُومُ ... هذا الحديث دقيق جداً ، الإنسان يقول : انتهينا ، يستسلم ، الإنسان بشعوره أنه ضعيف ، ولم ينتصر ، ولن تقوم له قائمة ، هذا الشعور أقرب إلى اليأس منه إلى التفاؤل ، أنا أقول لكم كلمة ، وكل مسلم معني بها :
كيف تكون قوياً ؟
كيف تطور عملك ؟
كيف تقوي إنتاجك ؟
كيف تحل مشكلاتك ؟
ما لم ننطلق إلى الحد الأعلى ، الحد الأدنى صلينا ، وقلنا الأمر كله بيد الله عز وجل ، طيب ، الصحابة الكرام صلوا ، لكن بنوا أمة ، فتحوا البلاد ، راياتهم رفرفت في أطراف الأرض ، إذاً نحن حينما نأخذ بالأسباب نكون مؤمنين حقاً .
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً * فَأَتْبَعَ سَبَباً ﴾
[ سورة الكهف الآية : 83 - 85 ]
هذا الكلام موجه لكل مؤمن ...
كي نبني أمة يجب أن نستقل ولا نكون تبعا للأقوياء
ينبغي أن تفكر في حل مشكلاتك .
ينبغي أن تفكر في مستوى رفع دخلك .
ينبغي أن تفكر في إتقان عملك .
ينبغي أن تعمق اختصاصك .
ينبغي أن تكون لبنة في بناء الأمة .
حتى نستطيع أن نستقل ، لا أن نكون تبعاً للأقوياء .
لذلك أن نأخذ عرض هذا الأدنى ، أن نكتفي بالأشياء التي لا تقدم ولا تؤخر ، طبعاً الصلاة تقدم وتؤخر ، ولكن إذا كنت مؤمناً حقاً ، وتتبع كلام الله ، فالله يأمرك فيقول :
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾
[ سورة الأنفال الآية : 60 ]
نصبح أقوى عندما نستغني عن الاستيراد ونطور صناعتنا
إخوة كثر عمقوا اختصاصهم ، فحلوا مشكلات كثيرة في بلدهم ، واستغنينا بخبرتهم عن أن نستورد خبرات الآخرين ، أذكر هذا الكلام ، لأن الأمر الآن معركة المسلمين مع الطرف الآخر معركة نكون أو لا نكون ، بوادرها واضحة تماماً ، لو تتبعتم ما يجري في العالم ، سوف يفرضون علينا ثقافتهم ، وانحرافهم ، وإباحيتهم ، وسوف يمنعوننا من ممارسة عباداتنا ، ومن تعليم أولادنا ، ومن تحجيب نساءنا ، وبوادر الأمر واضحة جداً ، فلذلك هذا الدين الكل متكامل ، لا يمكن أن نكتفي منه فقط للعبادة الشعائرية ، لا بد من أن ترافق العبادة الشعائرية بناء لهذا الكيان الإسلامي ، البناء الآن لا يكون إلا بالعلم .
فكل طالب يدرس دراسة جامعية ويتفوق هذا ساهم ببناء أمته ، وكل إنسان عنده صناعة متواضعة لو طورها ، وقدم إنتاجًا جيدًا ، واستغنينا عن أن نستورد ، وقدم إنتاجًا حل به مشكلته في بلده فهذا إنسان ساهم ببناء الأمة ، وكل إنسان صناعي ، أو زراعي ، أو تجاري ، أو خدمي ، أو اختصاصي ، أحياناً يأتي طبيب من بلاد الغرب ، ويقيم في بلده ، كأن بلاد الغرب جاءت إلينا دون أن نشعر ، قد يجري عمليات كثيرة جداً بأعلى درجة .
الحد الأدنى والحد الأعلى :
درس اليوم متعلق بـ : ألاّ نأخذ من الدين الحد الأدنى ، ينبغي أن نأخذ الحد الأعلى ، أن نسهم في بناء أمة ، يعني مثلاً :
حينما صدر قانون الاستثمار ، الشيء الغريب أن كل الذين استفادوا من هذا القانون أنشؤوا منشآت سياحية فقط ، وسيارات ، هذه المشاريع كلها لا تقوي بلدنا ، ولا نستطيع بها أن نواجه الأعداء ، ليس عندنا شيء استراتيجي ، فأنا أقول : لا نكتفي بالحد الأدنى ، إن أدرنا لهذه الأمة أن تبقى ، الأخطار والله أيها الإخوة محيطة بنا من كل صوب ، والأخطار أخطار إبادة وتدمير ، كما ترون ، ألا ترون ما يجري في بلاد المسلمين في العراق ، وفي فلسطين ؟ قضية إبادة ، وليست قضية إحلال شيء مكان شيء ، ولا قضية نشر شيء ، فهذا الذي أتمناه أن كل إنسان يسهم في تقوية أمته ، باختصاصه ، بخبرته ، بوظيفته ، بدراسته ، بطبه ، بهندسته ، بتجارته ، بصناعته ، ببيعه ، بشرائه .
أذكر لكم أن شاباً متفوقاً في اختصاصه أصلح جهاز ، يُصلّح كل عام بالملايين ، يصيبه عطل كل عام ، بقدرة قادر ، صُمم هذا الجهاز ليُصلّح كل عام ، وتبتز أموالنا بأرقام فلكية ، شاب من هذه البلدة استطاع أن يحل هذه المشكلة بربع ساعة ، ذكر لي هذا إنسان يعمل في حقل دقيق جداً ، قلت : لو عندنا شباب بهذا المستوى لاكتفينا عن أن نستجدي خبرات الآخرين ، الطالب عندما يدرس دراسة جامعية ، يعمق اختصاصه ، يتفوق ، يسخر اختصاصه لأمته يكون الأمر غير هذا الحال .
لفتت نظري هذه الآية :
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى ﴾
[ سورة الأعراف الآية : 169 ]
الحد الأدنى العبادات الشعائرية- الحد الأعلى بناء الأمة
كل شيء يكلف ، ولا يحتاج إلى جهد ، ولا إلى سهر ، ولا إلى بحث ، ولا إلى درس نفعله ، ونحن مرتاحون ، اكتفينا بالحد الأدنى ، الحد الأدنى عبادات شعائرية ، أما الحد الأعلى فبناء الكيان الإسلامي ، هذا يبنى بالعلم ، بالاختصاصات ، يبنى بالإخلاص ، يبنى بالتعاون ، يبنى بإنكار الذات ، يبنى بالتطوير ، يبنى بكل وسيلة نقوى بها .
أنا ذكرت اليوم أن ثقافة أيّ أمة ملك البشرية جمعاء ، لأنها بمثابة العسل الذي استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مر الأجيال ، وهل يعقل إذا بلغتنا جماعة من النحل أن نقاطع العسل الذي أخذ من زهراتنا ؟ ينبغي أن نطور أنفسنا ، أن نطور صناعتنا أن نطور إنتاجنا ، أن نستخرج ثرواتنا ، هذا إذا أردنا أن نتخذ قراراً ، وينفذ هذا القرار ، أما إذا كنا ضعافاً فإرادات الآخرين تملى علينا ، قد يقول أحدكم : هذا الكلام ليس واقعيًا ، أنا ماذا أفعل ؟ الشباب أكثرهم أمامي ، أنت شاب تدرس ، لمجرد أنك تفوقت في اختصاصك فقد ساهمت في بناء الأمة ، لمجرد أنك أتقنت صناعتك ، الآن بعد حين سوف ندخل في السوق المشتركة سوف تأتي البضائع المتقنة الرخيصة ، ما لم نسارع إلى إتقان صناعتنا ، وإلى تخفيض نفقاتنا فلن نستطيع أن نصمد ساعة أمام البضاعة التي سوف تأتي بأعلى درجة من الإتقان ، وبأعلى درجة من السعر المحدود .
فالقضية الآن نواجه واللهِ مشكلة كبيرة ، أنا أريد أن أقرع أجراس الخطر ، وأن ننتبه لأنفسنا ، وكل واحد بإمكانه أن يفعل شيئاً يقوي كيانه الإسلامي ، ولا أن تكتفي بالعرض الأدنى .
آخر شيء ، العالم ينقسم إلى قسمين :
قسم أخذ بالأسباب بشكل مذهل كالغربيين ، لكنهم اعتمدوا عليها ، ونسوا الله فوقعوا في الشرك ، ولهم عند الله تأديب كبير جداً .
القسم الثاني ونحن منهم ، لم نأخذ بالأسباب تكاسلاً ، ولسوء فهم لديننا تواكلنا ، ولم نتوكل ، فوقعنا في المعصية .
نحن لم نأخذ بها فأصبحنا ضعافاً ، هم أخذوا بها ، وأشركوا ، لكن الموقف الكامل أن نأخذ بالأسباب ، وكأنها كل شيء ، ثم نتوكل على الله ، وكأنها ليست بشيء .
إذاً ، ينبغي ألا نكتفي بالحد الأدنى ، ضمن نشاط الدين في حدود دنيا سهلة جداً ، يركب طائرة ، يذهب إلى العمرة ، يتمتع في فندق عدة أيام ، يطوف ويسعى ، ويرجع معتمرًا فندق شيء جميل ، وهي واجب ، والإنسان قد يتأثر تأثرًا كبيرًا جداً ، لكن هل نكتفي بالحج والعمرة فقط ، ونهمل أعمالنا ؟ نهمل أولادنا ؟ نهمل تربية أولادنا ؟ نهمل إتقان صنعتنا ؟ هناك خلل كبير في حياتنا أيها الإخوة ظهر بهذه الأزمان ، وهذا الخلل لا يحل إلا إذا كان الوعي الذي ينبغي أن يكون عندنا في أعلى مستوى .
و الحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارضى عنا ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .
والحمد لله رب العالمين
أيها الإخوة ؛ قد يتسأل بعض الإخوة الكرام عن سبب ورود قصة بني إسرائيل بشكل مكثف في القرآن الكريم ، الحقيقة أن الأمراض التي وقع فيها بنو إسرائيل المسلمون مهيئون أن يقعوا فيها ، والأصح وقد وقعوا بها ، هذا أسلوب غير مباشر ، أبلغ في التعبير ، اخترت آية في هذه الليلة ، يقول الله عز وجل :
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى ﴾
[ سورة الأعراف الآية : 169 ]
المعنى الدقيق :
الطرف الآخر بنى أمته فأملى إرادته على الشعوب
أن معنى هذا الدين الدقيق تكاليف منوعة ، بعض التكاليف لا تكلف شيئاً ، في عصور تأخرهم اكتفوا بالحد الأدنى ، يصلون ، يحجون ، يعتمرون ، لكن بناء الأمة ، الطرف الآخر بنى أمته بناء قوياً جداً ، فأملى إرادته على كل الشعوب ، نحن ماذا ينبغي أن نفعل ؟ المشكلة أننا حينما نكون ضعافاً الطرف الآخر يملي علينا كل شيء ، يمنعنا أن نقرأ قرآننا ، يمنعنا أن نعلم أولادنا أمور الدين ، يمنعنا أن نحافظ على استقامتنا ، يملي علينا ثقافته وشركه ، وإباحته ، لذلك لا يكفي أن نأخذ الحد الأدنى ، لا بد من أن نأخذ الحد الأعلى ، كيف يؤخذ الحد الأعلى ؟ .
أيها الإخوة ؛ ورد بالحديث الشريف عن عوف بن مالك رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( إِن الله يَلُومُ على العَجْز ))
[ أخرجه أبو داود ]
يَلُومُ ... هذا الحديث دقيق جداً ، الإنسان يقول : انتهينا ، يستسلم ، الإنسان بشعوره أنه ضعيف ، ولم ينتصر ، ولن تقوم له قائمة ، هذا الشعور أقرب إلى اليأس منه إلى التفاؤل ، أنا أقول لكم كلمة ، وكل مسلم معني بها :
كيف تكون قوياً ؟
كيف تطور عملك ؟
كيف تقوي إنتاجك ؟
كيف تحل مشكلاتك ؟
ما لم ننطلق إلى الحد الأعلى ، الحد الأدنى صلينا ، وقلنا الأمر كله بيد الله عز وجل ، طيب ، الصحابة الكرام صلوا ، لكن بنوا أمة ، فتحوا البلاد ، راياتهم رفرفت في أطراف الأرض ، إذاً نحن حينما نأخذ بالأسباب نكون مؤمنين حقاً .
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً * فَأَتْبَعَ سَبَباً ﴾
[ سورة الكهف الآية : 83 - 85 ]
هذا الكلام موجه لكل مؤمن ...
كي نبني أمة يجب أن نستقل ولا نكون تبعا للأقوياء
ينبغي أن تفكر في حل مشكلاتك .
ينبغي أن تفكر في مستوى رفع دخلك .
ينبغي أن تفكر في إتقان عملك .
ينبغي أن تعمق اختصاصك .
ينبغي أن تكون لبنة في بناء الأمة .
حتى نستطيع أن نستقل ، لا أن نكون تبعاً للأقوياء .
لذلك أن نأخذ عرض هذا الأدنى ، أن نكتفي بالأشياء التي لا تقدم ولا تؤخر ، طبعاً الصلاة تقدم وتؤخر ، ولكن إذا كنت مؤمناً حقاً ، وتتبع كلام الله ، فالله يأمرك فيقول :
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾
[ سورة الأنفال الآية : 60 ]
نصبح أقوى عندما نستغني عن الاستيراد ونطور صناعتنا
إخوة كثر عمقوا اختصاصهم ، فحلوا مشكلات كثيرة في بلدهم ، واستغنينا بخبرتهم عن أن نستورد خبرات الآخرين ، أذكر هذا الكلام ، لأن الأمر الآن معركة المسلمين مع الطرف الآخر معركة نكون أو لا نكون ، بوادرها واضحة تماماً ، لو تتبعتم ما يجري في العالم ، سوف يفرضون علينا ثقافتهم ، وانحرافهم ، وإباحيتهم ، وسوف يمنعوننا من ممارسة عباداتنا ، ومن تعليم أولادنا ، ومن تحجيب نساءنا ، وبوادر الأمر واضحة جداً ، فلذلك هذا الدين الكل متكامل ، لا يمكن أن نكتفي منه فقط للعبادة الشعائرية ، لا بد من أن ترافق العبادة الشعائرية بناء لهذا الكيان الإسلامي ، البناء الآن لا يكون إلا بالعلم .
فكل طالب يدرس دراسة جامعية ويتفوق هذا ساهم ببناء أمته ، وكل إنسان عنده صناعة متواضعة لو طورها ، وقدم إنتاجًا جيدًا ، واستغنينا عن أن نستورد ، وقدم إنتاجًا حل به مشكلته في بلده فهذا إنسان ساهم ببناء الأمة ، وكل إنسان صناعي ، أو زراعي ، أو تجاري ، أو خدمي ، أو اختصاصي ، أحياناً يأتي طبيب من بلاد الغرب ، ويقيم في بلده ، كأن بلاد الغرب جاءت إلينا دون أن نشعر ، قد يجري عمليات كثيرة جداً بأعلى درجة .
الحد الأدنى والحد الأعلى :
درس اليوم متعلق بـ : ألاّ نأخذ من الدين الحد الأدنى ، ينبغي أن نأخذ الحد الأعلى ، أن نسهم في بناء أمة ، يعني مثلاً :
حينما صدر قانون الاستثمار ، الشيء الغريب أن كل الذين استفادوا من هذا القانون أنشؤوا منشآت سياحية فقط ، وسيارات ، هذه المشاريع كلها لا تقوي بلدنا ، ولا نستطيع بها أن نواجه الأعداء ، ليس عندنا شيء استراتيجي ، فأنا أقول : لا نكتفي بالحد الأدنى ، إن أدرنا لهذه الأمة أن تبقى ، الأخطار والله أيها الإخوة محيطة بنا من كل صوب ، والأخطار أخطار إبادة وتدمير ، كما ترون ، ألا ترون ما يجري في بلاد المسلمين في العراق ، وفي فلسطين ؟ قضية إبادة ، وليست قضية إحلال شيء مكان شيء ، ولا قضية نشر شيء ، فهذا الذي أتمناه أن كل إنسان يسهم في تقوية أمته ، باختصاصه ، بخبرته ، بوظيفته ، بدراسته ، بطبه ، بهندسته ، بتجارته ، بصناعته ، ببيعه ، بشرائه .
أذكر لكم أن شاباً متفوقاً في اختصاصه أصلح جهاز ، يُصلّح كل عام بالملايين ، يصيبه عطل كل عام ، بقدرة قادر ، صُمم هذا الجهاز ليُصلّح كل عام ، وتبتز أموالنا بأرقام فلكية ، شاب من هذه البلدة استطاع أن يحل هذه المشكلة بربع ساعة ، ذكر لي هذا إنسان يعمل في حقل دقيق جداً ، قلت : لو عندنا شباب بهذا المستوى لاكتفينا عن أن نستجدي خبرات الآخرين ، الطالب عندما يدرس دراسة جامعية ، يعمق اختصاصه ، يتفوق ، يسخر اختصاصه لأمته يكون الأمر غير هذا الحال .
لفتت نظري هذه الآية :
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى ﴾
[ سورة الأعراف الآية : 169 ]
الحد الأدنى العبادات الشعائرية- الحد الأعلى بناء الأمة
كل شيء يكلف ، ولا يحتاج إلى جهد ، ولا إلى سهر ، ولا إلى بحث ، ولا إلى درس نفعله ، ونحن مرتاحون ، اكتفينا بالحد الأدنى ، الحد الأدنى عبادات شعائرية ، أما الحد الأعلى فبناء الكيان الإسلامي ، هذا يبنى بالعلم ، بالاختصاصات ، يبنى بالإخلاص ، يبنى بالتعاون ، يبنى بإنكار الذات ، يبنى بالتطوير ، يبنى بكل وسيلة نقوى بها .
أنا ذكرت اليوم أن ثقافة أيّ أمة ملك البشرية جمعاء ، لأنها بمثابة العسل الذي استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مر الأجيال ، وهل يعقل إذا بلغتنا جماعة من النحل أن نقاطع العسل الذي أخذ من زهراتنا ؟ ينبغي أن نطور أنفسنا ، أن نطور صناعتنا أن نطور إنتاجنا ، أن نستخرج ثرواتنا ، هذا إذا أردنا أن نتخذ قراراً ، وينفذ هذا القرار ، أما إذا كنا ضعافاً فإرادات الآخرين تملى علينا ، قد يقول أحدكم : هذا الكلام ليس واقعيًا ، أنا ماذا أفعل ؟ الشباب أكثرهم أمامي ، أنت شاب تدرس ، لمجرد أنك تفوقت في اختصاصك فقد ساهمت في بناء الأمة ، لمجرد أنك أتقنت صناعتك ، الآن بعد حين سوف ندخل في السوق المشتركة سوف تأتي البضائع المتقنة الرخيصة ، ما لم نسارع إلى إتقان صناعتنا ، وإلى تخفيض نفقاتنا فلن نستطيع أن نصمد ساعة أمام البضاعة التي سوف تأتي بأعلى درجة من الإتقان ، وبأعلى درجة من السعر المحدود .
فالقضية الآن نواجه واللهِ مشكلة كبيرة ، أنا أريد أن أقرع أجراس الخطر ، وأن ننتبه لأنفسنا ، وكل واحد بإمكانه أن يفعل شيئاً يقوي كيانه الإسلامي ، ولا أن تكتفي بالعرض الأدنى .
آخر شيء ، العالم ينقسم إلى قسمين :
قسم أخذ بالأسباب بشكل مذهل كالغربيين ، لكنهم اعتمدوا عليها ، ونسوا الله فوقعوا في الشرك ، ولهم عند الله تأديب كبير جداً .
القسم الثاني ونحن منهم ، لم نأخذ بالأسباب تكاسلاً ، ولسوء فهم لديننا تواكلنا ، ولم نتوكل ، فوقعنا في المعصية .
نحن لم نأخذ بها فأصبحنا ضعافاً ، هم أخذوا بها ، وأشركوا ، لكن الموقف الكامل أن نأخذ بالأسباب ، وكأنها كل شيء ، ثم نتوكل على الله ، وكأنها ليست بشيء .
إذاً ، ينبغي ألا نكتفي بالحد الأدنى ، ضمن نشاط الدين في حدود دنيا سهلة جداً ، يركب طائرة ، يذهب إلى العمرة ، يتمتع في فندق عدة أيام ، يطوف ويسعى ، ويرجع معتمرًا فندق شيء جميل ، وهي واجب ، والإنسان قد يتأثر تأثرًا كبيرًا جداً ، لكن هل نكتفي بالحج والعمرة فقط ، ونهمل أعمالنا ؟ نهمل أولادنا ؟ نهمل تربية أولادنا ؟ نهمل إتقان صنعتنا ؟ هناك خلل كبير في حياتنا أيها الإخوة ظهر بهذه الأزمان ، وهذا الخلل لا يحل إلا إذا كان الوعي الذي ينبغي أن يكون عندنا في أعلى مستوى .
و الحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا آثرنا ولا تؤثر علينا أرضنا وارضى عنا ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .
والحمد لله رب العالمين
مواضيع مماثلة
» موضوعات علمية من خطب الجمعة - الموضوع 197 : علم النفس الإسلامي.
» موضوعات علمية من خطب الجمعة - الموضوع 217 : علم النفس الإسلامي ( اليأس - النفاق - الإحباط..... ).
» الدرس ( 01 - 48 ) : هديه في طعامه.
» مكارم الأخلاق - الدرس (15-32) : الرحمة
» مقاصد الشريعة - الدرس (11- 27) : الإيمان بالكتب
» موضوعات علمية من خطب الجمعة - الموضوع 217 : علم النفس الإسلامي ( اليأس - النفاق - الإحباط..... ).
» الدرس ( 01 - 48 ) : هديه في طعامه.
» مكارم الأخلاق - الدرس (15-32) : الرحمة
» مقاصد الشريعة - الدرس (11- 27) : الإيمان بالكتب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى