قوانين القرآن الكريم - الدرس (02- 21) : سنة الأمن - ينشأ الأمن من استقامة الإنسان ، وينشأ الخوف من تفلت الإنسان
صفحة 1 من اصل 1
قوانين القرآن الكريم - الدرس (02- 21) : سنة الأمن - ينشأ الأمن من استقامة الإنسان ، وينشأ الخوف من تفلت الإنسان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس سنن الله في خلقه، والموضوع اليوم سنة الله في الأمن.
مقدمة:
1 – نعمة الأمن والشبع:
بادئ ذي بدء: إن أعظم نعمتين يمتن الله بهما على الإنسان هي نعمة الشبع ونعمة الأمن، الدليل قال تعالى:
﴿ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾
( سورة قريش )
2 – الخوف والجوع عقاب من الله:
وأكبر عقاب يعاقب الله به من شردوا عنه الخوف والجوع، قال تعالى:
﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾
( سورة النحل )
3 – لماذا يخاف الإنسان ؟
لكن قد يسأل سائل: لماذا يخاف الإنسان ؟ الجواب: الخوف مودع في جبلته الدليل:
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾
( سورة المعارج )
هذا أصل في خلقه، وهو لصالحه.
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾
والهلوع صيغة مبالغة، شديد الخوف .
﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾
( سورة المعارج )
4 – الاتصال بالله مانع من الخوف:
أول طريق لتجاوز الخوف، والشفاء منه أن تتصل بالقوي، أن تتصل بالغني أن تتصل بالحق، أن تتصل بالعدل.
فلذلك الآية الكريمة:
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾
ولكن:
(( ليس كل مصل يصلي، إنما أتقبل صلاة ممن تواضع لعظمتي ـ تفكر في خلق السماوات والأرض ـ وكف شهواته عن محارمي ـ استقام على أمري ـ ولم يصر على معصيتي ـ كان كثير التوبة ـ وأطعم الجائع، وكسا العريان، ورحم المصاب وآوى الغريب ـ له عمل صالح بإخلاص ـ كل ذلك لي، وعزتي وجلالي إن نور وجهه لأضوء عندي من نور الشمس، على أن أجعل الجهالة له حلما، والظلمة نورا، يدعوني فألبيه ، ويسألني فأعطيه، ويقسم علي فأبره، أكلأه بقربي، وأستحفظه ملائكتي، مثله عندي كمثل الفردوس لا يتسنى ثمرها، ولا يتغير حالها ))
[ رواه الديلمي عن حارثة بن وهب ]
إذاً:
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعً ا﴾
، شديد الخوف، يخاف على صحته، يخاف على رزقه، يخاف على مستقبله، يخاف على مركزه، يخاف على مكانته، يخاف على سمعته، شديد الخوف:
﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾
5 – مَن هم المصلُّون ؟
ولابد من أن أنوه أنه كما قلت قيل قليل في الأثر القدسي:
(( ليس كل مصل يصلي ))
إذاً من هم المصلون ؟ الذين يتجاوزن الخوف، قال:
﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾
( سورة المعارج )
وضحت هذا مرات عديدة: الصِّفة قيد، فإذا قلت: إنسان، فهذه الكلمة تغطي ستة آلاف مليون، أما إذا قلت: إنسان مسلم، فهذه تغطي مليارا ونصف مليار، ضاقت الدائرة، أما إذا قلت: إنسان مسلم عربي، 400 ألف، أما إذا قلت: إنسان مسلم عربي مثقف فأقلُّ، فكلما أضفت صفة ضاقت الدائرة، كطبيب قلب جراح، مقيم بدمشق، تضيق الدوائر.
قياساً على هذه الدوائر، قياساً على هذه القاعدة:
﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾
، كل واحد في العالم الإسلامي صلى مشمول بهذه الكلمة:
﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ ضاقت، ﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾
(( ليس كل مصل يصلي ))
6 – الخوف والهلع لصالح الإنسان:
أول حقيقة في هذا اللقاء الطيب أن الخوف من أشد المشاعر التي ترضّ الإنسان، لأن الخوف مودع في جبلته، ولكن لصالحه، كيف ؟
آلة غالية جداً، عظيمة جداً، معقدة جداً، نفعها كبير، فيها وصلة ضعيفة، فإذا جاء التيار قوياً لئلا تحترق في هذه الوصلة تسيح وينقطع التيار، وتسلم الآلة.
من يتمتّع بالأمن ؟ المؤمن الموحِّد:
أيها الإخوة، الله عز وجل يؤكد في القرآن الكريم أن إنساناً واحداً من بني البشر يتمتع بنعمة الأمن، قرآن، قال تعالى:
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
جاء الجواب:
﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾
( سورة الأنعام )
إذاً: صدقوا كلام خالق السماوات والأرض، أن الأمن لا يتمتع به إلا المؤمن.
لذلك قالوا: أنت من خوف الفقر في فقر، ومن خوف المرض في مرض ، وتوقع المصيبة مصيبة أكبر منها.
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾
معنى ذلك المؤمن المتصل بالله عز وجل لا يخاف، لذلك قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا ﴾
من المستقبل.
﴿ وَلَا تَحْزَنُوا ﴾
( سورة فصلت الآية: 30 )
على الماضي.
هل هناك أورع من هذا الفهم لهذه الآية، غطى لك الله المستقبل والماضي، فلا تحزن.
سيدنا أبو بكر الصديق معروف أنه ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط إطلاقاً.
﴿ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾،
طمأنك الله.
قال تعالى:
﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا ﴾
( سورة التوبة الآية: 15 )
﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾
( سورة البقرة الآية: 257 )
أيها الإخوة الكرام، الحقيقة الأولى: أن أعظم نعمتين يمتن الله بهما على الإنسان نعمة الأمن والكفاية.
قال لي أحدهم، وقد سألته عن أحواله، قال لي: الحمد لله، كيف رزقك ؟ قال: كفاف، قلت له: إذاً: أصابتك دعوة النبي عليه الصلاة والسلام، فتعجب ! هو دعا عليّ ؟! قلت: لا، قال:
(( اللهم من أحبني فاجعل رزقه كفافاً ))
[ ورد في الأثر ]
الكفاف ليس معناه الفقر، بل الكفاية .
(( خذ من الدنيا ما شئت، وخذ بقدرها هَمّا ))
[ رواه الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه ]
(( فإنه من أخذ منها فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر ))
[ أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس ]
ما هو قانون الخوف ؟
1 – الشرك سبب الخوف:
بالمقابل ما هو قانون الخوف ؟ الله عز وجل يقول، والآية محكمة:
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ ﴾
( سورة آل عمران الراية: 151 )
معنى ذلك أن التوحيد معناه الأمن، وأن الشرك معناه الخوف، فعندنا قوانين ، الإنسان المشرك مهما يكن قوياً فقلبه خائف، والإنسان المؤمن مهما يكن ضعيفاً فقلبه مطمئن .
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾
إخواننا الكرام، هناك سبب يشرحه الأطباء في بعض مؤتمراتهم ؛ أن الصحة الجيدة التي كان يتمتع بها آباءنا وأجدادنا ما تفسيرها ؟
الأطباء قالوا: تفسيرها: أن في حياة الآباء والأجداد جهدا عضليا كبيرا، وهذا أحد أركان الصحة، وعندهم راحة نفسية، وهذا أحد أركان الصحة، جهد عضلي، وراحة نفسية، الآن لماذا ارتفعت نسب الأمراض ؟ في الماضي كلمة جلطة تصيب الإنسان في سن80، 70، 60، الآن جلة في سن 18 ويموت، في سن 38 ، في سن 20، الشدة النفسية وراء معظم الأمراض، والخوف.
2 – الشدة النفسية سببها ضعفُ التوحيد:
لذلك جهاز المناعة المكتسب هذا الجهاز العظيم الذي أكرمنا الله به، والذي يتولى مكافحة أمراض الجرثومية والإنتانية والسرطانية، هذا الجهاز يقويه الأمن، يقويه الحب ويضعفه الخوف والقلق.
3 – قد يقتل الخوفُ صاحبَه:
لذلك آية كريمة أشارت إلى أن الخوف يمكن أن يكون قاتلاً، والدليل:
﴿ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ ﴾
( سورة آل عمران الآية: 119 )
إخوتي الكرام، الشدة النفسية الآن في أعلى درجة بسبب الشرك.
﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ ﴾
( سورة يوسف )
لا يرى أن الله المتصرف وحده في الكون، يرى زيدا، وعبيدا، وفلانا، وعلانا يرى الأقوياء يفعلون ما يقولون، ليس عندهم مشاعر، ولا مبادئ، ولا قيم، هو ضعيف ن والله هذه الأفكار وحدها تسحق الإنسان، لكن الله سبحانه وتعالى طمأنك، وقال لك:
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
( سورة هود الآية: 123 )
والله أيها الإخوة، لو سألتم مئات الأطباء عن الأمراض التي يسببها الخوف والقلق، والشدة النفسية لحدثوكم عن أمراض لا تعد ولا تحصى، كالخوف والشدة النفسية، والخوف من الشرك، والله عز وجل قال:
﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ * وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾
( سورة الشعراء الآية: 213 )
جهاز المناعة المكتسب:
1 – تركيبة جهاز المناعة المكتسب:
لذلك هذا الجهاز جهاز المناعة المكتسب هو في الحقيقة جيش بكل معاني هذه الكلمة، فيه فرقة اسمها فرقة الاستطلاع، الجيش هو الكريات البيضاء، هذه الكريات خمس فرق، فرقة الاستطلاع مهمتها استخباراتية، إذا دخل إلى الجسم جرثوم تتجه إليه، وتأخذ شفرته الكيماوية، وتنقل هذه الشفرة إلى معامل الأسلحة، إلى العقد اللمفاوية حيث يتم فيها تصنيع المصل المضاد للجرثوم، وتنهي مهمة الفرقة الأولى، أخذ الشفرة، وسلمها إلى معامل الدفاع، معامل السلاح، معمل اللقاح، معامل المصول، هذه المراكز اللمفاوية مهمتها تصنيع مصل مضاد لهذا الجرثوم، لكن أروع ما في هذه الفرقة أنها تملك ذاكرة مذهلة، لو أن هذا الجرثوم دخل إلى الجسم، والجسم صنع مصلا مضادا له، وشفي الإنسان فهناك ملف لهذا الجرثوم، لو عاد بعد سبعين سنة فالملف جاهز، ولولا هذه الذاكرة في فرقة تصنيع الموصول لما كان للقاحات من معنى إطلاقاً.
الآن الفرقة الثالثة فرقة المقاتلين تذهب إلى مراكز تصنيع المصول، ويحملون هذه المصول، وهي الأسلحة، ويتجهون إلى الجرثومة، وتجري معركة بينهم.
أحيانا يجد الإنسان ورما خفيفا في حسمه، وعليه بياض يكون مادة قيحية، هنا تمت المعركة، تجري معركة حادة حامية الوطيس بين الكريات المقاتلة التي تحمل المصل المضاد وبين الجراثيم، حين تنتهي المعركة، يكون هناك قتلى، و جرحى، و تدمير.
تأتي فرقة رابعة، وتنظف أرض المعركة، وتزيل آثار العدوان.
بقيت فرقة خامسة اكتشفت مؤخراً سماها العلماء فرقة المغاوير، والاسم الأصلي لها الكومندوس، هذه الفرقة تستطيع أن تكتشف الخلية السرطانية في وقت مبكر، وتلتهما.
2 – أثر الصحة النفسية في عمل جهاز المناعة سلبًا وإيجابا:
إذاً: جهاز المناعة المكتسب يقوى بالحب، ويقوى بالأمن، والأمن أساسه التوحيد، والتوحيد بالمختصر المفيد لا إله إلا الله.
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
التوحيد دائرة من عشر طوابق، في كل طابق مئة موظف، لكن معاملتك لا يمكن أن يوافق عليها إلا المدير العام، لذلك مستحيل أن تبذل ماء وجهك لموظف.
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾
( سورة هود )
إخوتي الكرام، الشعور بالأمن لا يقدر بثمن، المؤمن يمتلئ قلبه أمناً واستقراراً، وثقة بالله عز وجل، أما غير المؤمن فيكون معه ملايين مملينة وهو خائف ، وقد يكون قويا، وهو خائف، الدليل:
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّه مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ﴾
( سورة آل عمران الآية: 151 )
لذلك:
﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾
بالمناسبة: مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن يسلمك الله إلى غيره، إن أسلمك إلى غيره كيف يقول لك: يا عبدي اعبدني ؟ يا رب أمري بيد فلان، أريد أن أتقي سخطه، يقول لك: لا،
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
هذا هو التوحيد:
إخوتي الكرام، الإيمان هو التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، وما لم توحد فلست مؤمناً، إن قلت: أنا مؤمن بالله، فإبليس آمن بالله، قال رب:
﴿ فَبِعِزَّتِكَ ﴾
( سور ص الآية: 82 )
وإبليس قال:
﴿ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
( سورة الأعراف )
وقال:
﴿ خَلَقْتَنِي ﴾
( سورة الأعراف الآية: 12 )
آمن بالله خالقاً، حتى عباد الأوثان يقولون:
﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾
( سورة الزمر الآية: 3 )
التوحيد يعني الأمن، التوحيد يعني الصلاة، التوحيد يعني الاستقامة،
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾
خاتمة:
أيها الإخوة الكرام، القلق والخوف كأنها سيوف مسلطة على الإنسان، لذلك ضعيف التوحيد ينافق، خوفاً على مكانته، خوفاً على منصبه، خوفاً على رزقه، خوفاً على ميزاته التي نالها من القوي، ضعيف التوحيد ينافق، ضعيف التوحيد ينهار، ضعيف التوحيد يرائي، المؤمن لا ينافق، ولا يرائي، ولا يخاف.
﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾
( سورة البقرة الآية: 257 )
أيها الإخوة الكرام:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
( سورة فصلت )
إذا كان خالق السماوات والأرض هو وليك فهل يمكن أن ينالك أحد ؟ إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟
أيها الإخوة:
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾
لا تشعر بمعنى الإيمان، ولا معنى الأمن، ولا معنى الطمأنينة، ولا معنى الاستلام لله عز وجل إلا بالتوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
والبشر نموذجان: موحد آمن، ومشرك خائف، هذا ينطبق على الأفراد والشعوب، على الدول، على طفل، الإنسان المستقيم آمن.
سيدنا عمر مر في المدينة بأطفال لما رأوه هربوا، إلا واحد، قال له: يا غلام لمَ لم تهرب مع من هرب، قال: أيها الأمير لست ظالماً فأخشى ظلمك، ولست مذنباً فأخشى عقابك، والطريق يسعني، يسعك.
صدقوا أيها الإخوة، لو لم يكن من ثمار الصلاة والإيمان إلا الأمن لكفى، لأن الخوف يملئ قلوب الناس، يدفعهم إلى الكذب، إلى الدجل، إلى الرياء، إلى النفاق، يدفعهم إلى العقد النفسية، يدفعهم إلى ضعف شخصياتهم.
فيا أيها الإخوة، السنة الثانية في هذه الدروس إن شاء الله هي سنة الأمن، والأصل في هذا الموضوع:
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾
أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس سنن الله في خلقه، والموضوع اليوم سنة الله في الأمن.
مقدمة:
1 – نعمة الأمن والشبع:
بادئ ذي بدء: إن أعظم نعمتين يمتن الله بهما على الإنسان هي نعمة الشبع ونعمة الأمن، الدليل قال تعالى:
﴿ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾
( سورة قريش )
2 – الخوف والجوع عقاب من الله:
وأكبر عقاب يعاقب الله به من شردوا عنه الخوف والجوع، قال تعالى:
﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾
( سورة النحل )
3 – لماذا يخاف الإنسان ؟
لكن قد يسأل سائل: لماذا يخاف الإنسان ؟ الجواب: الخوف مودع في جبلته الدليل:
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾
( سورة المعارج )
هذا أصل في خلقه، وهو لصالحه.
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾
والهلوع صيغة مبالغة، شديد الخوف .
﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾
( سورة المعارج )
4 – الاتصال بالله مانع من الخوف:
أول طريق لتجاوز الخوف، والشفاء منه أن تتصل بالقوي، أن تتصل بالغني أن تتصل بالحق، أن تتصل بالعدل.
فلذلك الآية الكريمة:
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾
ولكن:
(( ليس كل مصل يصلي، إنما أتقبل صلاة ممن تواضع لعظمتي ـ تفكر في خلق السماوات والأرض ـ وكف شهواته عن محارمي ـ استقام على أمري ـ ولم يصر على معصيتي ـ كان كثير التوبة ـ وأطعم الجائع، وكسا العريان، ورحم المصاب وآوى الغريب ـ له عمل صالح بإخلاص ـ كل ذلك لي، وعزتي وجلالي إن نور وجهه لأضوء عندي من نور الشمس، على أن أجعل الجهالة له حلما، والظلمة نورا، يدعوني فألبيه ، ويسألني فأعطيه، ويقسم علي فأبره، أكلأه بقربي، وأستحفظه ملائكتي، مثله عندي كمثل الفردوس لا يتسنى ثمرها، ولا يتغير حالها ))
[ رواه الديلمي عن حارثة بن وهب ]
إذاً:
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعً ا﴾
، شديد الخوف، يخاف على صحته، يخاف على رزقه، يخاف على مستقبله، يخاف على مركزه، يخاف على مكانته، يخاف على سمعته، شديد الخوف:
﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾
5 – مَن هم المصلُّون ؟
ولابد من أن أنوه أنه كما قلت قيل قليل في الأثر القدسي:
(( ليس كل مصل يصلي ))
إذاً من هم المصلون ؟ الذين يتجاوزن الخوف، قال:
﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾
( سورة المعارج )
وضحت هذا مرات عديدة: الصِّفة قيد، فإذا قلت: إنسان، فهذه الكلمة تغطي ستة آلاف مليون، أما إذا قلت: إنسان مسلم، فهذه تغطي مليارا ونصف مليار، ضاقت الدائرة، أما إذا قلت: إنسان مسلم عربي، 400 ألف، أما إذا قلت: إنسان مسلم عربي مثقف فأقلُّ، فكلما أضفت صفة ضاقت الدائرة، كطبيب قلب جراح، مقيم بدمشق، تضيق الدوائر.
قياساً على هذه الدوائر، قياساً على هذه القاعدة:
﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾
، كل واحد في العالم الإسلامي صلى مشمول بهذه الكلمة:
﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ ضاقت، ﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾
(( ليس كل مصل يصلي ))
6 – الخوف والهلع لصالح الإنسان:
أول حقيقة في هذا اللقاء الطيب أن الخوف من أشد المشاعر التي ترضّ الإنسان، لأن الخوف مودع في جبلته، ولكن لصالحه، كيف ؟
آلة غالية جداً، عظيمة جداً، معقدة جداً، نفعها كبير، فيها وصلة ضعيفة، فإذا جاء التيار قوياً لئلا تحترق في هذه الوصلة تسيح وينقطع التيار، وتسلم الآلة.
من يتمتّع بالأمن ؟ المؤمن الموحِّد:
أيها الإخوة، الله عز وجل يؤكد في القرآن الكريم أن إنساناً واحداً من بني البشر يتمتع بنعمة الأمن، قرآن، قال تعالى:
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
جاء الجواب:
﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾
( سورة الأنعام )
إذاً: صدقوا كلام خالق السماوات والأرض، أن الأمن لا يتمتع به إلا المؤمن.
لذلك قالوا: أنت من خوف الفقر في فقر، ومن خوف المرض في مرض ، وتوقع المصيبة مصيبة أكبر منها.
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾
معنى ذلك المؤمن المتصل بالله عز وجل لا يخاف، لذلك قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا ﴾
من المستقبل.
﴿ وَلَا تَحْزَنُوا ﴾
( سورة فصلت الآية: 30 )
على الماضي.
هل هناك أورع من هذا الفهم لهذه الآية، غطى لك الله المستقبل والماضي، فلا تحزن.
سيدنا أبو بكر الصديق معروف أنه ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط إطلاقاً.
﴿ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾،
طمأنك الله.
قال تعالى:
﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا ﴾
( سورة التوبة الآية: 15 )
﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾
( سورة البقرة الآية: 257 )
أيها الإخوة الكرام، الحقيقة الأولى: أن أعظم نعمتين يمتن الله بهما على الإنسان نعمة الأمن والكفاية.
قال لي أحدهم، وقد سألته عن أحواله، قال لي: الحمد لله، كيف رزقك ؟ قال: كفاف، قلت له: إذاً: أصابتك دعوة النبي عليه الصلاة والسلام، فتعجب ! هو دعا عليّ ؟! قلت: لا، قال:
(( اللهم من أحبني فاجعل رزقه كفافاً ))
[ ورد في الأثر ]
الكفاف ليس معناه الفقر، بل الكفاية .
(( خذ من الدنيا ما شئت، وخذ بقدرها هَمّا ))
[ رواه الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه ]
(( فإنه من أخذ منها فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر ))
[ أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس ]
ما هو قانون الخوف ؟
1 – الشرك سبب الخوف:
بالمقابل ما هو قانون الخوف ؟ الله عز وجل يقول، والآية محكمة:
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ ﴾
( سورة آل عمران الراية: 151 )
معنى ذلك أن التوحيد معناه الأمن، وأن الشرك معناه الخوف، فعندنا قوانين ، الإنسان المشرك مهما يكن قوياً فقلبه خائف، والإنسان المؤمن مهما يكن ضعيفاً فقلبه مطمئن .
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾
إخواننا الكرام، هناك سبب يشرحه الأطباء في بعض مؤتمراتهم ؛ أن الصحة الجيدة التي كان يتمتع بها آباءنا وأجدادنا ما تفسيرها ؟
الأطباء قالوا: تفسيرها: أن في حياة الآباء والأجداد جهدا عضليا كبيرا، وهذا أحد أركان الصحة، وعندهم راحة نفسية، وهذا أحد أركان الصحة، جهد عضلي، وراحة نفسية، الآن لماذا ارتفعت نسب الأمراض ؟ في الماضي كلمة جلطة تصيب الإنسان في سن80، 70، 60، الآن جلة في سن 18 ويموت، في سن 38 ، في سن 20، الشدة النفسية وراء معظم الأمراض، والخوف.
2 – الشدة النفسية سببها ضعفُ التوحيد:
لذلك جهاز المناعة المكتسب هذا الجهاز العظيم الذي أكرمنا الله به، والذي يتولى مكافحة أمراض الجرثومية والإنتانية والسرطانية، هذا الجهاز يقويه الأمن، يقويه الحب ويضعفه الخوف والقلق.
3 – قد يقتل الخوفُ صاحبَه:
لذلك آية كريمة أشارت إلى أن الخوف يمكن أن يكون قاتلاً، والدليل:
﴿ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ ﴾
( سورة آل عمران الآية: 119 )
إخوتي الكرام، الشدة النفسية الآن في أعلى درجة بسبب الشرك.
﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ ﴾
( سورة يوسف )
لا يرى أن الله المتصرف وحده في الكون، يرى زيدا، وعبيدا، وفلانا، وعلانا يرى الأقوياء يفعلون ما يقولون، ليس عندهم مشاعر، ولا مبادئ، ولا قيم، هو ضعيف ن والله هذه الأفكار وحدها تسحق الإنسان، لكن الله سبحانه وتعالى طمأنك، وقال لك:
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
( سورة هود الآية: 123 )
والله أيها الإخوة، لو سألتم مئات الأطباء عن الأمراض التي يسببها الخوف والقلق، والشدة النفسية لحدثوكم عن أمراض لا تعد ولا تحصى، كالخوف والشدة النفسية، والخوف من الشرك، والله عز وجل قال:
﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ * وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾
( سورة الشعراء الآية: 213 )
جهاز المناعة المكتسب:
1 – تركيبة جهاز المناعة المكتسب:
لذلك هذا الجهاز جهاز المناعة المكتسب هو في الحقيقة جيش بكل معاني هذه الكلمة، فيه فرقة اسمها فرقة الاستطلاع، الجيش هو الكريات البيضاء، هذه الكريات خمس فرق، فرقة الاستطلاع مهمتها استخباراتية، إذا دخل إلى الجسم جرثوم تتجه إليه، وتأخذ شفرته الكيماوية، وتنقل هذه الشفرة إلى معامل الأسلحة، إلى العقد اللمفاوية حيث يتم فيها تصنيع المصل المضاد للجرثوم، وتنهي مهمة الفرقة الأولى، أخذ الشفرة، وسلمها إلى معامل الدفاع، معامل السلاح، معمل اللقاح، معامل المصول، هذه المراكز اللمفاوية مهمتها تصنيع مصل مضاد لهذا الجرثوم، لكن أروع ما في هذه الفرقة أنها تملك ذاكرة مذهلة، لو أن هذا الجرثوم دخل إلى الجسم، والجسم صنع مصلا مضادا له، وشفي الإنسان فهناك ملف لهذا الجرثوم، لو عاد بعد سبعين سنة فالملف جاهز، ولولا هذه الذاكرة في فرقة تصنيع الموصول لما كان للقاحات من معنى إطلاقاً.
الآن الفرقة الثالثة فرقة المقاتلين تذهب إلى مراكز تصنيع المصول، ويحملون هذه المصول، وهي الأسلحة، ويتجهون إلى الجرثومة، وتجري معركة بينهم.
أحيانا يجد الإنسان ورما خفيفا في حسمه، وعليه بياض يكون مادة قيحية، هنا تمت المعركة، تجري معركة حادة حامية الوطيس بين الكريات المقاتلة التي تحمل المصل المضاد وبين الجراثيم، حين تنتهي المعركة، يكون هناك قتلى، و جرحى، و تدمير.
تأتي فرقة رابعة، وتنظف أرض المعركة، وتزيل آثار العدوان.
بقيت فرقة خامسة اكتشفت مؤخراً سماها العلماء فرقة المغاوير، والاسم الأصلي لها الكومندوس، هذه الفرقة تستطيع أن تكتشف الخلية السرطانية في وقت مبكر، وتلتهما.
2 – أثر الصحة النفسية في عمل جهاز المناعة سلبًا وإيجابا:
إذاً: جهاز المناعة المكتسب يقوى بالحب، ويقوى بالأمن، والأمن أساسه التوحيد، والتوحيد بالمختصر المفيد لا إله إلا الله.
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
التوحيد دائرة من عشر طوابق، في كل طابق مئة موظف، لكن معاملتك لا يمكن أن يوافق عليها إلا المدير العام، لذلك مستحيل أن تبذل ماء وجهك لموظف.
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾
( سورة هود )
إخوتي الكرام، الشعور بالأمن لا يقدر بثمن، المؤمن يمتلئ قلبه أمناً واستقراراً، وثقة بالله عز وجل، أما غير المؤمن فيكون معه ملايين مملينة وهو خائف ، وقد يكون قويا، وهو خائف، الدليل:
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّه مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ﴾
( سورة آل عمران الآية: 151 )
لذلك:
﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾
بالمناسبة: مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن يسلمك الله إلى غيره، إن أسلمك إلى غيره كيف يقول لك: يا عبدي اعبدني ؟ يا رب أمري بيد فلان، أريد أن أتقي سخطه، يقول لك: لا،
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
هذا هو التوحيد:
إخوتي الكرام، الإيمان هو التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، وما لم توحد فلست مؤمناً، إن قلت: أنا مؤمن بالله، فإبليس آمن بالله، قال رب:
﴿ فَبِعِزَّتِكَ ﴾
( سور ص الآية: 82 )
وإبليس قال:
﴿ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
( سورة الأعراف )
وقال:
﴿ خَلَقْتَنِي ﴾
( سورة الأعراف الآية: 12 )
آمن بالله خالقاً، حتى عباد الأوثان يقولون:
﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾
( سورة الزمر الآية: 3 )
التوحيد يعني الأمن، التوحيد يعني الصلاة، التوحيد يعني الاستقامة،
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾
خاتمة:
أيها الإخوة الكرام، القلق والخوف كأنها سيوف مسلطة على الإنسان، لذلك ضعيف التوحيد ينافق، خوفاً على مكانته، خوفاً على منصبه، خوفاً على رزقه، خوفاً على ميزاته التي نالها من القوي، ضعيف التوحيد ينافق، ضعيف التوحيد ينهار، ضعيف التوحيد يرائي، المؤمن لا ينافق، ولا يرائي، ولا يخاف.
﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾
( سورة البقرة الآية: 257 )
أيها الإخوة الكرام:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
( سورة فصلت )
إذا كان خالق السماوات والأرض هو وليك فهل يمكن أن ينالك أحد ؟ إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟
أيها الإخوة:
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾
لا تشعر بمعنى الإيمان، ولا معنى الأمن، ولا معنى الطمأنينة، ولا معنى الاستلام لله عز وجل إلا بالتوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
والبشر نموذجان: موحد آمن، ومشرك خائف، هذا ينطبق على الأفراد والشعوب، على الدول، على طفل، الإنسان المستقيم آمن.
سيدنا عمر مر في المدينة بأطفال لما رأوه هربوا، إلا واحد، قال له: يا غلام لمَ لم تهرب مع من هرب، قال: أيها الأمير لست ظالماً فأخشى ظلمك، ولست مذنباً فأخشى عقابك، والطريق يسعني، يسعك.
صدقوا أيها الإخوة، لو لم يكن من ثمار الصلاة والإيمان إلا الأمن لكفى، لأن الخوف يملئ قلوب الناس، يدفعهم إلى الكذب، إلى الدجل، إلى الرياء، إلى النفاق، يدفعهم إلى العقد النفسية، يدفعهم إلى ضعف شخصياتهم.
فيا أيها الإخوة، السنة الثانية في هذه الدروس إن شاء الله هي سنة الأمن، والأصل في هذا الموضوع:
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾
مواضيع مماثلة
» قوانين القرآن الكريم - الدرس (01- 21) : مقدمة - قوانين لا بد من السير عليها
» قوانين القرآن الكريم - الدرس (15- 21) : قانون العدل
» قوانين القرآن الكريم - الدرس (10- 21) : قانون العزة
» دور الشيطان يبدأ بعد استقامة الإنسان و اصطلاحه مع الله :
» الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم.
» قوانين القرآن الكريم - الدرس (15- 21) : قانون العدل
» قوانين القرآن الكريم - الدرس (10- 21) : قانون العزة
» دور الشيطان يبدأ بعد استقامة الإنسان و اصطلاحه مع الله :
» الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى